لِشَيْءٍ إِذَا أَرَادَ تَكْوِينَهُ مَوْجُودًا بِقَوْلِهِ: ﴿كُنْ﴾ [البقرة: ١١٧] فِي حَالِ إِرَادَتِهِ إِيَّاهُ مَكُونًا، لَا يَتَقَدَّمُ وُجُودَ الَّذِي أَرَادَ إِيجَادَهُ وَتَكْوِينَهُ إِرَادَتَهُ إِيَّاهُ، وَلَا أَمْرُهُ بِالْكَوْنِ وَالْوُجُودِ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ. فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَأْمُورًا بِالْوُجُودِ مُرَادًا كَذَلِكَ إِلَّا وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا إِلَّا وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْوُجُودِ مُرَادٌ كَذَلِكَ. وَنَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] قَوْلُهُ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥] بِأَنَّ خُرُوجَ الْقَوْمِ مِنْ قُبُورِهِمْ لَا يَتَقَدَّمُ دُعَاءَ اللَّهِ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ. وَيُسْأَلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] خَاصٌّ فِي التَّأْوِيلِ اعْتِلَالًا بِأَنَّ أَمْرَ غَيْرِ الْمَوْجُودِ غَيْرُ جَائِزٍ، عَنْ دَعْوَةَ أَهْلِ الْقُبُورِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ، أَمْ بَعْدَهُ؟ أَمْ هِيَ فِي خَاصٍّ مِنَ الْخَلْقِ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَيُسْأَلُ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] نَظِيرَ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَالَ فُلَانٌ بِرَأْسِهِ أَوْ بِيَدِهِ، إِذَا حَرَّكَهُ وَأَوْمَأَ، وَنَظِيرَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]


الصفحة التالية
Icon