تَقُولُ إِذَا دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي | أَهَذَا دِينُهُ أَبَدًا وَدِينِي |
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ فَإِنَّهُمْ لَا صَوَابَ اللُّغَةِ أَصَابُوا، وَلَا كِتَابَ اللَّهِ وَمَا دَلَّتْ عَلَى صِحَّتِهِ الْأَدِلَّةُ اتَّبِعُوا. فَيُقَالَ لِقَائِلِي ذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا قَالَ لَهُ: كُنْ، أَفَتُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ قَائِلًا ذَلِكَ؟ فَإِنْ أَنْكَرُوهُ كَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ، وَخَرَجُوا مِنَ الْمِلَّةِ، وَإِنَّ قَالُوا: بَلْ نُقِرُّ بِهِ، وَلَكِنَّا نَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَالَ الْحَائِطُ فَمَالَ وَلَا قَوْلَ هُنَالِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ مَيْلِ الْحَائِطِ. قِيلَ لَهُمْ: أَفَتُجِيزُونَ لِلْمُخْبِرِ عَنِ الْحَائِطِ بِالْمَيْلِ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا قَوْلُ الْحَائِطِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَمِيلَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا فَيَمِيلُ؟ فَإِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ خَرَجُوا مِنْ مَعْرُوفِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَخَالَفُوا مَنْطِقَهَا وَمَا يُعْرَفُ فِي لِسَانِهَا. وَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ قَوْلَهُ لِلشَّيْءِ إِذَا أَرَادَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَأَعْلَمَ عِبَادَهُ قَوْلَهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الشَّيْءُ وَوَصَفَهُ وَوَكَّدَهُ. وَذَلِكَ عِنْدَكُمْ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْعِبَارَةِ عَمَّا لَا كَلَامَ لَهُ وَلَا بَيَانَ فِي مِثْلِ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَالَ الْحَائِطُ فَمَالَ. فَكَيْفَ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ فَرْقَ مَا بَيْنَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ:
﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] وَقَوْلِ الْقَائِلِ: قَالَ الْحَائِطُ فَمَالَ؟ وَلِلْبَيَانِ عَنْ فَسَادِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا نَأْتِي فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا