وَقَوْلُهُ: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴿غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ [الزمر: ٢٨] يَعْنِي: ذِي لَبْسٍ
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرِ ذِي عِوَجٍ﴾ [الزمر: ٢٨] :«غَيْرَ ذِي لَبْسٍ» وَنُصِبَ قَوْلُهُ: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢] عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ: هَذَا الْقُرْآنُ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ مَعْرِفَةٌ، وَقَوْلُهُ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢] نَكِرَةٌ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٧] يَقُولُ: جَعَلْنَا قُرْآنًا عَرَبِيًّا إِذْ كَانُوا عَرَبًا، لَيَفْهَمُوا مَا فِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ، حَتَّى يَتَّقُوا مَا حَذَّرَهُمُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ بَأْسِهِ وَسَطْوَتِهِ، فَيُنِيبُوا إِلَى عِبَادَتِهِ وَإِفْرَادِ الْأُلُوهَةِ لَهُ، وَيَتَبَرَّؤُوا مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٢٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَثَّلَ اللَّهُ مَثَلًا لِلْكَافِرِ بِاللَّهِ الَّذِي يَعْبُدُ آلِهَةً شَتَّى، وَيُطِيعُ جَمَاعَةً مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ الْوَاحِدَ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِهَذَا الْكَافِرِ رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ يَقُولُ: هُوَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مَالِكِينَ مُتَشَاكِسِينَ، يَعْنِي مُخْتَلِفِينَ مُتَنَازِعِينَ، سَيِّئَةٌ أَخْلَاقُهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ شَكِسٌ: إِذَا كَانَ سَيِّئَ الْخُلُقِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَسْتَخْدِمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَمُلْكِهِ فِيهِ، وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ، يَقُولُ: وَرَجُلًا خَلُوصًا لِرَجُلٍ يَعْنِي الْمُؤْمِنَ الْمُوَحِّدَ الَّذِي