جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنَ الْأَمْطَارِ مِنَ السَّمَاءِ بِقَدَرٍ: يَقُولُ: بِمِقْدَارِ حَاجَتِكُمْ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ كَالطُّوفَانِ، فَيَكُونُ عَذَابًا كَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ، وَلَا جَعَلَهُ قَلِيلًا لَا يَنْبُتُ بِهِ النَّبَاتُ وَالزَّرْعُ مِنْ قِلَّتِهِ، وَلَكِنْ جَعَلَهُ غَيْثًا، وَحَيًا لِلْأَرْضِ الْمَيْتَةِ مُحْيِيًا ﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ [الزخرف: ١١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلَدَةً مِنْ بِلَادِكُمْ مَيْتًا، يَعْنِي مُجْدِبَةً لَا نَبَاتَ بِهَا وَلَا زَرْعَ، قَدْ دَرَسَتْ مِنَ الْجُدُوبِ، وَتَعَفَّنَتْ مِنَ الْقُحُوطِ ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الزخرف: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا أَخْرَجْنَا بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي نَزَّلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ جُدُوبِهَا وَقُحُوطِهَا النَّبَاتَ وَالزَّرْعَ، كَذَلِكَ أَيُّهَا النَّاسُ تُخْرَجُونَ مِنْ بَعْدِ فَنَائِكُمْ وَمَصِيرِكُمْ فِي الْأَرْضِ رُفَاتًا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهَا لِإِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ مِنْهَا أَحْيَاءَ كَهَيْئَتِكُمُ الَّتِي بِهَا قَبْلَ مَمَاتِكُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ [الزخرف: ١١] الْآيَةَ، «كَمَا أَحْيَا اللَّهُ هَذِهِ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِهَذَا الْمَاءِ كَذَلِكَ تُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقِيلَ: أَنْشَرْنَا بِهِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَحْيَيْنَا بِهِ، وَلَوْ وَصَفْتَ الْأَرْضَ بِأَنَّهَا أُحْيِيَتْ، قِيلَ: نُشِرَتِ الْأَرْضُ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
-[٥٥٦]- حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رَأَوْا | يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ |