وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ [الزخرف: ٣٣]، فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّهَا أُدْخِلَتْ فِي الْبُيُوتِ عَلَى الْبَدَلِ وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا فِي ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ [الزخرف: ٣٣] مُكَرَّرَةً، كَمَا فِي ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢١٧] وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ اللَّامَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، كَأَنَّ الثَّانِيَةَ فِي مَعْنَى عَلَى، كَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلْنَا لَهُمْ عَلَى بُيُوتِهِمْ سُقُفًا قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ: جَعَلْتُ لَكَ لِقَوْمِكَ الْأُعْطِيَةَ: أَيْ جَعَلْتُهُ مِنْ أَجَلِكَ لَهُمْ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿سُقُفًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّةُ الْبَصْرِيِّينَ (سَقْفًا) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ اعْتِبَارًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦] وَتَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَعْنَاهُ الْجَمْعُ وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ ﴿سُقُفًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] بِضَمِّ السِّينِ وَالْقَافِ، وَوَجَّهُوهَا إِلَى أَنَّهَا جَمْعُ سَقِيفَةٍ أَوْ سُقُوفٍ وَإِذَا وُجِّهَتْ إِلَى أَنَّهَا جَمْعُ سُقُوفٍ كَانَتْ جَمْعَ الْجَمْعِ، لِأَنَّ السُّقُوفَ جَمْعُ سَقْفٍ، ثُمَّ تُجْمَعُ السُّقُوفُ سُقُفًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ نَظِيرَ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ (فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَاءِ، وَهِيَ الْجَمْعُ، وَاحِدُهَا رِهَانٌ وَرُهُونٌ، وَوَاحِدُ الرُّهُونِ وَالرِّهَانِ:


الصفحة التالية
Icon