وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ [الدخان: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: ﴿أَمْرًا﴾ [البقرة: ١١٧] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: نُصِبَ عَلَى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ أَمْرًا وَرَحْمَةً عَلَى الْحَالِ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: نُصِبَ عَلَى مَعْنَى يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ فَرْقًا وَأَمْرًا قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [الإسراء: ٢٨] قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تُنْصَبَ الرَّحْمَةُ بِوُقُوعِ مُرْسِلِينَ عَلَيْهَا، فَجَعَلَ الرَّحْمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ [الدخان: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِي رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عِبَادِنَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنفال: ٦١] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا أَنْزَلْنَا مِنْ كِتَابِنَا، وَأَرْسَلْنَا مِنْ رُسُلِنَا إِلَيْهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنْطِقِهِمْ وَمَنْطِقِ غَيْرِهِمْ، الْعَلِيمُ بِمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ ضَمَائِرُهُمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأُمُورِ غَيْرِهِمْ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ بَلْ


الصفحة التالية
Icon