هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} [سورة:] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [سورة:] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ (رَبُّ السَّمَوَاتِ) بِالرَّفْعِ عَلَى اتْبَاعِ إِعْرَابِ الرَّبِّ إِعْرَابَ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ﴾ [سورة:] خَفْضًا رَدًّا عَلَى الرَّبِّ فِي قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [سورة: الإسراء، آية رقم: ٢٨] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [سورة:] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ يَا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ، وَأَرْسَلَكَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ، مَالِكُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٤] يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ تُوقِنُونَ بِحَقِيقَةِ مَا أَخْبَرْتُكُمْ مِنْ أَنَّ رَبَّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّ الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي هَذِهِ الصِّفَاتُ صِفَاتُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ تَنْزِيلُهُ، وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُهُ حَقُّ يَقِينٍ، فَأَيْقِنُوا بِهِ كَمَا أَيْقَنْتُمْ بِمَا تُوقِنُونَ مِنْ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣] يَقُولُ: لَا مَعْبُودَ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، فَلَا تَعْبُدُوا غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ لِغَيْرِهِ، وَلَا تَنْبَغِي لِشَيْءٍ سِوَاهُ ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨] يَقُولُ: هُوَ الَّذِي يُحْيِي مَا يَشَاءُ، وَيُمِيتُ مَا -[١٣]- يَشَاءُ مِمَّا كَانَ حَيًّا


الصفحة التالية
Icon