حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الحديد: ١٩] قَالَ: «بِالْإِيمَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِاللَّهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: الشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: النَّبِيُّونَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى أُمَمِهِمْ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْكَلَامُ وَالْخَبَرُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، مُتَنَاهٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ [الحديد: ١٩] وَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الحديد: ١٩] خَبَرُ مُبْتَدَأٍ عَنِ الشُّهَدَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ مَعَانِيهِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ مُوجِبٍ فِي الْمُتَعَارَفِ لِلْمُؤْمِنِ اسْمَ شَهِيدٍ لَا بِمَعْنَى غَيْرِهِ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ شَهِيدٌ عَلَى مَا آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْبُعْدِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَعَانِيهِ، إِذَا أُطْلِقَ بِغَيْرِ وَصْلٍ، فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ [الحديد: ١٩] إِذَنْ وَالشُّهَدَاءُ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ هَلَكُوا فِي سَبِيلِهِ عِنْدَ رَبِّهِمْ، لَهُمْ ثَوَابُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي -[٤١٦]- الْآخِرَةِ وَنُورُهُمْ