ذِكْرُ مَنْ قَالَ: الَّذِينَ لَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا: الَّذِينَ ابْتَدَعُوهَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾ [الحديد: ٢٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [الحديد: ٢٧] يَقُولُ: «مَا أَطَاعُونِي فِيهَا، وَتَكَلَّمُوا فِيهَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتُخْرِجَ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ، وَكَثُرَ أَهْلُ الشِّرْكِ وَذَهَبَ الرُّسُلُ وَقُهِرُوا، اعْتَزَلُوا فِي الْغِيرَانِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ ذَلِكَ حَتَّى كَفَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَتَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدِينَهُ، وَأَخَذُوا بِالْبِدْعَةِ وَبِالنَّصْرَانِيَّةِ وَبِالْيَهُودِيَّةِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَثَبَتَتْ طَائِفَةٌ عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ، حِينَ جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا رَسُولًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَهُمْ كَذَلِكَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ» :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد: ٢٨] إِلَى ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٨]
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: ٢٧] " كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَلَمَّا اسْتُخْرِجَ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَكَثُرَ أَهْلُ الشِّرْكِ، وَانْقَطَعَتِ الرُّسُلُ، اعْتَزَلُوا النَّاسَ، فَصَارُوا فِي الْغِيرَانِ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى غَيَّرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَتَرَكُوا دِينَ اللَّهِ وَأَمْرَهُ وَعَهْدَهُ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَخَذُوا بِالْبِدَعِ، فَابْتَدَعُوا النَّصْرَانِيَّةَ -[٤٣٣]- وَالْيَهُودِيَّةَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ: ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [الحديد: ٢٧] وَثَبَتَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى دِينِ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَآمَنُوا بِهِ "