وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١] يَقُولُ: وَتَشْتَكِي الْمُجَادِلَةُ مَا لَدَيْهَا مِنَ الْهَمِّ بِظِهَارِ زَوْجِهَا مِنْهَا إِلَى اللَّهِ وَتَسْأَلُهُ الْفَرَجَ ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة: ١] يَعْنِي تَحَاوُرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُجَادِلَةُ خَوْلَةُ ابْنَةُ ثَعْلَبَةَ. ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [الحج: ٧٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ﴾ [البقرة: ١٨١] لِمَا يَتَجَاوَبَانِهِ وَيَتَحَاوَرَانِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ، ﴿بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٩٦] بِمَا يَعْلَمُونَ، وَيَعْمَلُ جَمِيعُ عِبَادِهِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ [المجادلة: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الَّذِينَ يُحَرِّمُونَ نِسَاءَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ تَحْرِيمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ظُهُورَ أُمَّهَاتِهِمْ، فَيَقُولُونَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيْنَا كَظُهُورِ أُمَّهَاتِنَا، وَذَلِكَ كَانَ طَلَاقَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
كَذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: كَانَ الظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، الَّذِي إِذَا تَكَلَّمَ بِهِ أَحَدُهُمْ لَمْ يَرْجِعْ فِي امْرَأَتِهِ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا أَنْزَلَ.