وَقَوْلُهُ: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٥] يَقُولُ: بِئْسَ هَذَا الْمَثَلُ، مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ، يَعْنِي بِأَدِلَّتِهِ وَحُجَجِهِ. ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ لَا يُوَفِّقُ الْقَوْمَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، فَكَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجمعة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْيَهُودِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءٌ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ﴾ [الجمعة: ٦] سِوَاكُمْ ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ [البقرة: ٩٤] إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي قِيلِكُمْ، إِنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَوْلِيَاءَهُ، بَلْ يُكْرِمُهُمْ وَيُنْعِمُهُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فِيمَا تَقُولُونَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِتَسْتَرِيحُوا مِنْ كَرْبِ الدُّنْيَا وَهُمُومِهَا وَغُمُومِهَا، وَتَصِيرُوا إِلَى رَوْحِ الْجِنَّانِ وَنَعِيمِهَا بِالْمَوْتِ.
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الجمعة: ٦] قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ تَابُوا: لِلْيَهُودِ، قَالَ مُوسَى: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] : إِنَّا تُبْنَا إِلَيْكَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا﴾ [الجمعة: ٧] يَقُولُ: وَلَا -[٦٣٦]- يَتَمَنَّى الْيَهُودُ الْمَوْتَ أَبَدًا ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٩٥] يَعْنِي: بِمَا اكْتَسَبُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْآثَامِ، وَاجْتَرَحُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٩٥] يَقُولُ: وَاللَّهُ ذُو عِلْمٍ بِمَنْ ظَلَمَ مِنْ خَلْقِهِ نَفْسَهُ، فَأَوْبَقَهَا بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ.