ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] قَالَ: السَّفَرَةُ: الَّذِينَ يُحْصَوْنَ الْأَعْمَالَ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ بِالْوَحْيِ. وَسَفَيرُ الْقَوْمِ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمْ بِالصُّلْحِ، يُقَالُ: سَفَرْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: إِذَا أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]

وَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِذْ مَشَيْتُ
وَإِذَا وُجِّهَ الْتَأْوِيلِ إِلَى مَا قُلْنَا، احْتَمَلَ الْوَجْهُ الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمُ الْكَتَبَةُ، وَالَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمُ الْقُرَّاءُ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ الَّتِي تَقْرَأُ الْكُتُبَ، وَتَسْفِرُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ رُسُلِهِ
وَقَوْلُهُ: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] وَالْبَرَرَةُ: جَمْعُ بَارٍّ، كَمَا الْكَفَرَةُ جَمْعُ كَافِرٍ، -[١١٠]- وَالسَّحَرَةُ جَمْعُ سَاحِرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا نَطَقُوا بِوَاحِدَةٍ أَنْ يَقُولُوا: رَجُلٌ بَرٌّ، وَامْرَأَةٌ بَرَّةٌ، وَإِذَا جَمَعُوا رَدُّوهُ إِلَى جَمْعِ فَاعِلٍ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ سَرِيٌّ، ثُمَّ قَالُوا فِي جَمْعِهِ: قَوْمٌ سُرَاةٌ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي وَاحِدِهِ أَنْ يَكُونَ سَارِيًا. وَقَدْ حُكِيَ سَمَاعًا مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: قَوْمٌ خِيَرَةٌ بَرَرَةٌ، وَوَاحِدُ الْخِيَرَةِ: خَيْرٌ، وَالْبَرَرَةِ: بَرٌّ


الصفحة التالية
Icon