تَمَّامٍ الْعُطَارِدِيُّ، " أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ فَلَمْ يَسْأَلْهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: إِنَّهُ وَجِعَتْ إِصْبَعِي هَذِهِ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْإِفْطَارِ مَعَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَنْ كَانَ الصَّوْمُ جَاهَدَهُ جَهْدًا غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَهُ الْإِفْطَارُ وَقَضَاءُ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الْأَمْرَ، فَإِنَّ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْإِفْطَارِ فَقَدْ كُلِّفَ عُسْرًا وَمُنِعَ يُسْرًا، وَذَلِكَ غَيْرُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ أَرَادَهُ بِخَلْقِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَأَمَّا مَنْ كَانَ الصَّوْمُ غَيْرَ جَاهِدِهِ، فَهُوَ بِمَعْنَى الصَّحِيحِ الَّذِي يُطِيقُ الصَّوْمَ، فَعَلَيْهِ أَدَاءُ فَرْضِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّ مَعْنَاهَا: أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ سِوَى هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَأَمَّا الْأُخَرُ فَإِنَّهَا جَمْعُ أُخْرَى بِجَمْعِهِمُ الْكُبْرَى عَلَى الْكُبَرِ، وَالْقُرْبَى عَلَى الْقُرَبِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَلَيْسَتِ الْأُخَرُ مِنْ صِفَةِ الْأَيَّامِ؟ قِيلَ: بَلَى، فَإِنْ قَالَ: أَوَلَيْسَ وَاحِدَ الْأَيَّامِ يَوْمٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ؟ قِيلَ: بَلَى.