[البحر الطويل]
فَقُلْتُ لَهَا رُدِّي إِلَيْهِ جِنَانَهُ | فَرَدَّتْ كَمَا رَدَّ الْمَنِيحَ مُفِيضُ |
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي عَرَفَاتٍ، وَالْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا صُرِفَتْ وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، وَهَلْ هِيَ اسْمٌ لِبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ هِيَ لِجَمَاعَةِ بِقَاعٍ؟ فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ: هِيَ اسْمٌ كَانَ لِجَمَاعَةٍ مِثْلَ مُسْلِمَاتٍ وَمُؤْمِنَاتٍ، سُمِّيَتْ بِهِ بُقْعَةٌ وَاحِدَةٌ فَصُرِفَ لَمَّا سُمِّيَتْ بِهِ الْبُقْعَةُ الْوَاحِدَةُ، إِذْ كَانَ مَصْرُوفًا قَبْلَ أَنْ تُسَمَّى بِهِ الْبُقْعَةُ تَرْكًا مِنْهُمْ لَهُ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّاءَ فِيهِ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ فِي مُسْلِمَيْنِ وَمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُ تَذْكِيرُهُ، وَصَارَ التَّنْوِينُ بِمَنْزِلَةِ النُّونِ، فَلَمَّا سُمَيَّ بِهِ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ كَمَا يُتْرُكُ
«الْمُسْلِمُونَ» إِذَا سُمَيَّ بِهِ عَلَى حَالِهِ قَالَ: وَمَنِ الْعَرَبِ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ إِذَا سُمَيَّ بِهِ، وَيُشَبِّهُ التَّاءَ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ؛ وَذَلِكَ قَبِيحٌ ضَعِيفٌ. وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
تَنَوَّرْتُهَا مِنْ أَذْرِعَاتٍ | وَأَهْلُهَا بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِي |
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُنَوِّنُ أَذْرِعَاتٍ، وَكَذَلِكَ عَانَاتٌ وَهُوَ مَكَانٌ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ: إِنَّمَا انْصَرَفَتْ عَرَفَاتٌ لِأَنَّهُنَّ عَلَى جِمَاعِ مُؤَنَّثٍ بِالتَّاءِ.