وَجْهَ لِوَضْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ فِيهِ إِنْ هُوَ عَمِلَهُ، وَفَرْضُهُ عَمَلُهُ، لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدِّي فَرْضًا عَلَيْهِ حَرَجًا بِأَدَائِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ وَضَعْنَا عَنْكَ فِيهِ الْحَرَجَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْحَاجُّ لَا يَخْلُو عِنْدَ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، أَوْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَرْضُهُ النَّفْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَوَضَعَ عَنْهُ الْحَرَجَ فِي الْمَقَامِ، أَوْ أنْ يَكُونِ فَرْضُهُ الْمَقَامُ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَوَضَعَ عَنْهُ الْحَرَجَ فِي النَّفْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَإِنْ يَكُنْ فَرْضُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْمُقَامَ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْهَا، فَوَضَعَ عَنْهُ الْحَرَجَ فِي نَفْرِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْهَا، وَذَلِكَ هُوَ التَّعْجِيلُ الَّذِي قِيلَ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِنَّمَا هُوَ مُتَأَخَّرٌ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ عَلَيْهِ تَارِكٌ قَبُولَ رُخْصَةِ النَّفْرِ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُقَالَ: لَا حَرَجَ عَلَيْكَ فِي مَقَامِكَ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْكَ، لِمَا وَصَفْنَا قَبْلُ، أَوْ يَكُونُ فَرْضُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي النَّفْرَ، فَرُخِّصَ لَهُ فِي الْمَقَامِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ؛ فَلَا مَعْنَى أَنْ يُقَالَ: لَا حَرَجَ عَلَيْكَ فِي تَعَجُّلِكَ النَّفْرَ الَّذِي هُوَ فَرْضُكَ وَعَلَيْكَ فِعْلُهُ لِلَّذِي قَدَّمْنَا مِنَ الْعِلَّةِ وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي نَفْرِهِ ذَلِكَ، إِنِ اتَّقَى قَتْلَ الصَّيْدِ إِلَى انْقِضَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ تَأْوِيلًا مُسَلَّمًا لِقَائِلِهِ لَكَانَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] مَا يُبْطِلُ دَعْوَاهُ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ الصَّيْدَ لِلْحَاجِّ بَعْدَ نَفْرِهِ مِنْ مِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَلَالٌ، فَمَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَضَعَ عَنْهُ الْحَرَجَ فِي قَوْلِهِ