رَحِمَهَا كَمَا تَنْقَضِي بِالدَّمِ إِذَا رَأَتْهُ بَعْدَ الطُّهْرِ الثَّالِثِ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْقُرْءُ: الطُّهْرُ، وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: هُوَ الْحَيْضُ إِذَا انْقَطَعَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَتَطَهَّرَتْ بِالِاغْتِسَالِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْهِنَّ كِتْمَانَ الْمُطَلِّقِ الَّذِي وَصَفْنَا أَمْرَهُ مَا يَكُونُ بِكِتْمَانِهِنَّ إِيَّاهُ بِطُولِ حَقِّهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِنَّ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَدِهِنَّ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ يَبْطُلُ بِوَضْعِهِنَّ مَا فِي بُطُونِهِنَّ إِنْ كُنَّ حَوَامِلَ، وَبِانْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ إِنْ كُنَّ غَيْرَ حَوَامِلَ، عَلِمَ أَنَّهُنَّ مَنْهِيَّاتٌ عَنْ كِتْمَانِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُطَلِّقِينَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْنِي مِنَ الْحَيْضِ، وَالْحَبَلِ مِثْلَ الَّذِي هُنَّ مَنْهِيَّاتٌ عَنْهُ مِنَ الْآخَرِ، وَأَنُ لَا مَعْنَى لِخُصُوصِ مَنْ خَصَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، إِذْ كَانَا جَمِيعًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ، وَأَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ مَعْنَى بُطُولِ حَقِّ الزَّوْجِ بِانْتِهَائِهِ إِلَى غَايَةٍ مِثْلَ مَا فِي الْآخَرِ. وَيُسْأَلُ مَنْ خَصَّ ذَلِكَ فَجَعَلَهُ لِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ عَنِ الْبُرْهَانِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ مِنْ أَصْلٍ، أَوْ حُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، ثُمَّ يُعْكَسُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ السُّدِّيُّ مِنْ أَنَّهُ مَعْنِيُّ بِهِ نَهْي النِّسَاءِ كِتْمَانَ أَزْوَاجِهِنَّ الْحَبَلَ عِنْدَ إِرَادَتِهِمْ طَلَاقَهُنَّ، فَقَوْلُ لَمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ مُخَالِفٌ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا


الصفحة التالية
Icon