ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] يَقُولُ: بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَمَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الْمَأْثَمَ، فَهَذَا عَلَيْكَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ " حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ مُؤَاخَذَةِ اللَّهِ عَبْدَهُ عَلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنَ الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ، إِلَى أَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ مِنْهُ لَهُ بِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةَ فِيهِ. وَقَالَ بِنَحْوِ قَوْلِ قَتَادَةَ جَمَاعَةٌ أُخَرُ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحَالِفِ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، مِنْهُمْ عَطَاءٌ، وَالْحَكَمُ
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَيَعْقُوبُ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَكَمِ: " أَنَّهُمَا كَانَا يَقَوْلَانِ فِيمَنْ حَلَفَ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا: يُكَفِّرُ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ الْعَبْدُ فِي حَالِ الدُّنْيَا بِإِلْزَامِ اللَّهِ إِيَّاهُ الْكَفَّارَةَ مِنْهُ، وَالْآخَرُ مِنْهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ -[٤٠]- السُّدِّيِّ: " ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] أَمَّا مَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ: فَمَا عَقَدَتْ قُلُوبُكُمْ، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ إِرَادَةَ أَنْ يَقْضِيَ أَمْرَهُ. وَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ: اللَّغْوُ، وَالْعَمْدُ، وَالْغَمُوسُ، وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ ثُمَّ يَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] فَهَذِهِ لَهَا كَفَّارَةٌ " وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَجَّهَ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] إِلَى غَيْرِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] وَجَعَلَ قَوْلَهُ: ﴿بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] الْغَمُوسُ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْحَالِفُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ فِي حَلِفِهِ بِهَا مُبْطِلٌ، وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩] الْيَمِينُ الَّتِي يُسْتَأْنَفُ فِيهَا الْحِنْثُ، أَوِ الْبِرُّ، وَهُوَ فِي حَالِ حَلِفِهِ بِهَا عَازِمٌ عَلَى أَنْ يَبَرَّ فِيهَا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ هُوَ اعْتِقَادُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، وَالْكُفْرِ