حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيثِهِمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِرَارًا مِنْ بَعْضِ الْأَوْبَاءِ مِنَ الطَّاعُونِ، أَوْ مِنْ سُقْمٍ كَانَ يُصِيبُ النَّاسَ حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ، وَهُمْ أُلُوفٌ. حَتَّى إِذَا نَزَلُوا بِصَعِيدٍ مِنَ الْبِلَادِ، قَالَ لَهُمُ اللَّهُ: مُوتُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حَظِيرَةً دُونَ السِّبَاعِ، ثُمَّ تَرَكُوهُمْ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَثُرُوا عَنْ أَنْ يُغَيَّبُوا. فَمَرَّتْ بِهِمُ الْأَزْمَانُ، وَالدُّهُورُ، حَتَّى صَارُوا عِظَامًا نَخْرَةً. فَمَرَّ بِهِمْ حِزْقِيلُ بْنُ بُوزِيٍّ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَتَعَجَّبَ لِأَمْرِهِمْ، وَدَخَلَهُ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ يُحْيِيَهُمُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ: نَادِهِمْ فَقَالَ: أَيُّهَا الْعِظَامُ الرَّمِيمُ الَّتِي قَدْ رَمَّتْ، وَبَلِيَتْ، لِيَرْجِعْ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى صَاحِبِهِ فَنَادَاهُمْ بِذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ تَوَاثَبُ يَأْخُذُ بَعْضُهَا بَعْضًا. ثُمَّ قِيلَ لَهُ: قُلْ أَيُّهَا: اللَّحْمُ، وَالْعَصَبُ، وَالْجَلْدُ اكْسُ الْعِظَامَ بِإِذْنِ رَبِّكَ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَالْعَصَبُ يَأْخُذُ الْعِظَامَ ثُمَّ اللَّحْمَ، وَالْجَلْدَ، وَالْأَشْعَارَ، حَتَّى اسْتَوَوْا خَلْقًا لَيْسَتْ فِيهِمُ الْأَرْوَاحُ، ثُمَّ دَعَا لَهُمْ بِالْحَيَاةِ، فَتَغْشَاهُمْ مِنَ السَّمَاءِ كُدْيَةٌ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ. ثُمَّ أَفَاقَ وَالْقَوْمُ جُلُوسٌ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ قَدْ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ "


الصفحة التالية
Icon