مَعْنَيَيْهِمَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمَا، كَمَا تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ مِمَّا تَتَّفِقُ مَعَانِيهِ وَتَخْتَلِفُ أَلْفَاظُهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
يَقُولُ إِذَا اقْلَوْلَى عَلَيْهَا وَأَقْرَدَتْ أَلَا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدَائِمِ فَأَدْخَلَ فِي «دَائِمٍ» الْبَاءَ «مَعَ» هَلْ «وَهِيَ اسْتِفْهَامٌ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ فِي خَبَرِ» مَا " الَّتِي فِي مَعْنَى الْجَحْدِ لِتَقَارُبِ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ وَالْجَحْدِ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: أُدْخِلَتْ «أَنْ» فِي: ﴿أَلَّا تُقَاتِلُوا﴾ [البقرة: ٢٤٦] لِأَنَّهُ بِمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: مَا لَكَ فِي أَلَّا تُقَاتِلَ؟ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: مَا لَكَ أَنْ قُمْتَ؟ وَمَا لَكَ أَنَّكَ قَائِمٌ؟ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأَفْعَالِ، كَمَا يُقَالُ: مَنَعْتُكَ أَنْ تَقُومَ، وَلَا يُقَالُ: مَنَعْتُكَ أَنْ قُمْتَ؛ فَلِذَلِكَ قِيلَ فِي «مَا لَكَ» : مَا لَكَ أَلَّا تَقُومَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا لَكَ أَنْ قُمْتَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: «أَنْ» هَاهُنَا زَائِدَةٌ بَعْدَ «مَا» فَلَمَّا «وَلَمَّا» وَلَوْ " وَهِيَ تُزَادُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرًا قَالَ: وَمَعْنَاهُ: وَمَا لَنَا لَا نُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَعْمَلَ «أَنْ» وَهِيَ زَائِدَةٌ، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
[البحر البسيط]


الصفحة التالية
Icon