أَهْلُهَا بِعُقُوبَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، فَفَسَدَتْ بِذَلِكَ الْأَرْضُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو مَنٍّ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَطَوُّلٍ عَلَيْهِمْ بِدَفْعِهِ بِالْبَرِّ مِنْ خَلْقِهِ عَنِ الْفَاجِرِ، وَبِالْمُطِيعِ عَنِ الْعَاصِي مِنْهُمْ، وَبِالْمُؤْمِنِ عَنِ الْكَافِرِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَهْلَ النِّفَاقِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ مَشَاهِدِهِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ لِلشَّكِ الَّذِي فِي نُفُوسِهِمْ وَمَرَضِ قُلُوبِهِمْ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكُفْرِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ مُعَاجَلَتَهُمُ الْعُقُوبَةَ، عَلَى كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ بِإِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْبَصَائِرِ وَالْجَدِّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَذُوُو الْيَقِينِ بِإِنْجَازِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَعْدَهُ عَلَى جِهَادِ أَعْدَائِهِ، وَأَعْدَاءِ رَسُولِهِ مِنَ النَّصْرِ فِي الْعَاجِلِ، وَالْفَوْزَ بَجَنَّاتِهِ فِي الْآخِرَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] يَقُولُ: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ بِالْبَارِّ عَنِ الْفَاجِرِ، وَدَفْعِهِ بِبَقِيَّةِ أَخْلَافِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ بِهِلَاكِ أَهْلِهَا "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ -[٥١٦]- مُجَاهِدٍ: " ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] يَقُولُ: وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ بِالْبَرِّ عَنِ الْفَاجِرِ، وَبِبَقِيَّةِ أَخْلَافَ النَّاسَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لَهَلَكَ أَهْلُهَا "


الصفحة التالية