امْتَارُوا وَجُوَالِقَا إِبْرَاهِيمَ يَصْطَفِقَانِ، حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى سَوَادِ جِبَالِ أَهْلِهِ، قَالَ: لَيَحْزُنُنِي صَبِيَّايَ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ، لَوْ أَنِّي مَلَأْتُ هَذَيْنِ الْجُوَالِقَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْبَطْحَاءِ فَذَهَبْتُ بِهِمَا قَرَّتْ عَيْنَا صَبِيَّيَّ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ أَهْرَقْتُهُ، قَالَ: فَمَلَأَهُمَا ثُمَّ خَيَّطَهُمَا، ثُمَّ جَاءَ بِهِمَا، فَتَرَامَى عَلَيْهِمَا الصِّبْيَانِ فَرَحًا، وَأَلْقَى رَأْسَهُ فِي حِجْرِ سَارَةَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: مَا يُجْلِسُنِي؟ قَدْ جَاءَ إِبْرَاهِيمُ تَعِبًا لَغِبًا، لَوْ قُمْتُ فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا إِلَى أَنْ يَقُومَ، قَالَ: فَأَخَذَتْ وِسَادَةً فَأَدْخَلَتْهَا مَكَانَهَا، وَانْسَلَّتْ قَلِيلًا قَلِيلًا لِئَلَّا تُوقِظَهُ، قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى إِحْدَى الْغِرَارَتَيْنِ فَفَتَقَتْهَا، فَإِذَا حَوَارِيُّ مِنَ النَّقِيِّ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ قَطُّ، فَأَخَذَتْ مِنْهُ فَطَحَنَتْهُ وَعَجَنَتْهُ، فَلَمَّا أَتَتْ تُوقِظُ إِبْرَاهِيمَ جَاءَتْهُ حَتَّى وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا يَا سَارَةُ؟ قَالَتْ: مِنْ جُوَالِقِكَ، لَقَدْ جِئْتَ وَمَا عِنْدَنَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، قَالَ: فَذَهَبَ يَنْظُرُ إِلَى الْجُوَالِقِ الْآخَرِ فَإِذَا هُوَ مِثْلُهُ، فَعَرَفَ مِنْ أَيْنَ ذَاكَ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، -[٥٧٥]- عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: " لَمَّا قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، قَالَ هُوَ يَعْنِي نُمْرُوذَ: فَأَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ، فَدَعَا بِرَجُلَيْنِ، فَاسْتَحْيَا أَحَدَهُمَا، وَقَتَلَ الْآخَرَ، قَالَ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ، قَالَ: أَيْ أَسْتَحْيِي مَنْ شِئْتُ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] "