صَالِحًا، فَيَكُونُ مَثَلًا لِلْجَنَّةِ الَّتِي مِنْ نَخِيلِ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، ثُمَّ يُسِيءُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَيَتَمَادَى عَلَى الْإِسَاءَةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْإِعْصَارُ الَّذِي فِيهِ النَّارُ الَّتِي أَحْرَقَتِ الْجَنَّةَ، مَثَلًا لِإِسَاءَتِهِ الَّتِي مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْجَنَّةُ عَيْشُهُ وَعَيْشُ وَلَدِهِ فَاحْتَرَقَتْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ جَنَّتِهِ مِنْ أَجْلِ كِبَرِهِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ ذُرِّيَّتُهُ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ جَنَّتِهِمْ مِنْ أَجْلِ صِغَرِهِمْ حَتَّى احْتَرَقَتْ، يَقُولُ: هَذَا مَثَلُهُ تَلَقَّاهُ وَهُوَ أَفْقَرُ مَا كَانَ إِلَيَّ، فَلَا يَجِدُ لَهُ عِنْدِي شَيْئًا، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا، وَلَا يَسْتَطِيعُ مِنْ كِبَرِهِ وَصِغَرِ أَوْلَادِهِ أَنْ يَعْمَلُوا جَنَّةً، كَذَلِكَ لَا تَوْبَةَ إِذَا انْقَطَعَ الْعَمَلُ حِينَ مَاتَ "، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «هُوَ مَثَلُ الْمُفَرِّطِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتُ»
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ دُنْيَا لَا يَعْمَلُ فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ، كَمَثَلِ هَذَا الَّذِي لَهُ جَنَّةٌ، فَمَثَلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَثَلِ هَذَا حِينَ أُحْرِقَتْ جَنَّتُهُ وَهُوَ كَبِيرٌ لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا وَأَوْلَادُهُ صِغَارٌ وَلَا يُغْنُونَ عَنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الْمُفَرِّطُ بَعْدَ الْمَوْتِ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ حَسْرَةٌ»