يَكُونَ مُحْكَمًا بِأَنَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لَا تَأْوِيلَ لَهُ غَيْرُ تَأْوِيلٍ وَاحِدٍ، وَقَدِ اسْتَغْنَى بِسَمَاعِهِ عَنْ بَيَانٍ يُبَيِّنُهُ، أَوْ يَكُونُ مُحْكَمًا، وَإِنْ كَانَ ذَا وُجُوهٍ وَتَأْوِيلَاتٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُعَانٍ كَثِيرَةٍ، فَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ إِمَّا مِنْ بَيَانِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْهُ أَوْ بَيَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ، وَلَنْ يَذْهَبَ عِلْمُ ذَلِكَ عَنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالدَّلَالَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِيهِ، وَنَحْنُ ذَاكُرُو اخْتِلَافِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] هُنَّ اللَّائِي فِيهِنَّ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ وَالْأَحْكَامُ، نَحْوَ قِيلِنَا الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " ﴿مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] قَالَ يَحْيَى: " هُنَّ اللَّاتِي فِيهِنَّ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ وَعِمَادُ الدِّينِ، وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ: أُمُّ الْقُرَى مَكَّةُ، وَأُمُّ خُرَاسَانَ مَرْوُ، وَأُمُّ الْمُسَافِرِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ إِلَيْهِ أَمَرَهُمْ، وَيُعْنَى بِهِمْ فِي سَفَرِهِمْ، قَالَ: فَذَاكَ أُمُّهُمْ "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿هُنَّ أُمُّ -[٢٠٢]- الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٧] قَالَ: «هُنَّ جِمَاعُ الْكِتَابِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنِيُّ بِذَلِكَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ الَّتِي مِنْهَا يُسْتَخْرَجُ الْقُرْآنُ


الصفحة التالية
Icon