ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: ٤٩] «فَكَانَ الْقَوْمُ لَمَّا سَأَلُوا الْمَائِدَةَ، فَكَانَتْ جِرَابًا يُنْزِلُ عَلَيْهِ أَيْنَمَا كَانُوا ثَمَرًا مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَأَمَرَ الْقَوْمَ أَنْ لَا يَخُونُوا فِيهِ، وَلَا يُخَبِّئُوا، وَلَا يَدَّخِرُوا لِغَدٍ، بَلَاءٌ ابْتَلَاهُمُ اللَّهَ بِهِ، فَكَانُوا إِذَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَنْبَأَهُمْ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ»، فَقَالَ: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: ٤٩]
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ﴾ [آل عمران: ٤٩] قَالَ: " أُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ مِنَ الْمَائِدَةِ، وَمَا تَدَّخِرُونَ مِنْهَا، قَالَ: فَكَانَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَائِدَةِ حِينَ نَزَلَتْ أَنْ يَأْكُلُوا وَلَا يَدَّخِرُوا، فَادَّخَرُوا وَخَانُوا، فَجُعِلُوا خَنَازِيرَ حِينَ ادَّخَرُوا وَخَانُوا "، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ١١٥] قَالَ ابْنُ يَحْيَى: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ذَلِكَ. وَأَصْلُ يَدَّخِرُونَ مِنَ الْفِعْلِ يَفْتَعِلُونَ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ذَخَرْتُ -[٤٣٠]- الشَّيْءَ بِالذَّالِ، فَأَنَا أَذْخُرُهُ، ثُمَّ قِيلَ: يَدَّخِرُ كَمَا قِيلَ: يَدَّكِرُ، مِنْ ذَكَرْتُ الشَّيْءَ، يُرَادُ بِهِ يَذْتَخِرُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الذَّالُ وَالتَّاءُ وَهُمَا مُتَقَارِبَتَا الْمَخْرَجِ، ثَقُلَ إِظْهَارُهَمَا عَلَى اللِّسَانِ، فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَصُيِّرَتَا دَالًا مُشُدَدَّةً صَيَّرُوهَا عَدْلًا بَيْنَ الذَّالِ وَالتَّاءِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُغَلِّبُ الذَّالَ عَلَى التَّاءِ فَيُدْغِمُ التَّاءَ فِي الذَّالِ، فَيَقُولُ: وَمَا تَدَّخِرُونَ وَهُوَ مُدَّخَرٌ لَكَ، وَهُوَ مُذَّكِرُ وَاللُّغَةُ الَّتِي بِهَا الْقِرَاءَةُ الْأَوْلَى، وَذَلِكَ إِدْغَامُ الذَّالِ فِي التَّاءِ، وَإِبْدَالِهِمَا دَالًا مُشَدَّدَةً لَا يَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِهَا لِتَظَاهُرِ النَّقْلِ مِنَ الْقُرَّاءِ بِهَا، وَهُوَ اللُّغَةُ الْجُودَى، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
[البحر البسيط]
إِنَّ الْكَرِيمَ الَّذِي يُعْطِيكَ نَائِلَهُ | عَفْوًا وَيُظْلَمُ أَحْيَانًا فَيَظَّلِمُ |