إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ " وَقَالَ آخَرُونَ: مَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَرَامًا، لَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ حَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمُ اتِّبَاعًا لِأَبِيهِمْ، ثُمَّ أَضَافُوا تَحْرِيمَهُ إِلَى اللَّهِ، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِضَافَتِهِمْ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا، حَتَّى نَنْظُرَ هَلْ ذَلِكَ فِيهَا، أَمْ لَا؟ لِيَتَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ لِمَنْ يَجْهَلُ أَمَرَهُمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران: ٩٣] إِسْرَائِيلُ: هُوَ يَعْقُوبُ، أَخَذَهُ عِرْقُ النَّسَا، فَكَانَ لَا يَثْبُتُ اللَّيْلَ مِنْ وَجَعِهِ، وَكَانَ لَا يُؤْذِيهِ بِالنَّهَارِ، فَحَلَفَ لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ لَا يَأْكُلُ عِرْقًا أَبَدًا، وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ عَلَى مُوسَى، فَسَأَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ مَا هَذَا الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقَالُوا: نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ بِتَحْرِيمِ الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ فَقَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وَكَذَّبُوا وَافْتَرَوْا، لَمْ تَنْزِلِ التَّوْرَاةُ بِذَلِكَ " وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ -[٥٨٠]- تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ وَبَعْدَ نُزُولِهَا، إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، بِمَعْنَى: لَكِنَّ إِسْرَائِيلَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ بَعْضَ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الضَّحَّاكَ وَجَّهَ قَوْلَهُ: ﴿إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران: ٩٣] إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّحْوِيُّونَ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ. وَقَالَ آخَرُونَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى وَلَدِهِ بِتَحْرِيمِ إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ عَلَى وَلَدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ حَرَّمَهُ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَلَا عَلَى وَلَدِهِ


الصفحة التالية
Icon