حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] قَالَ: إِذَا رَأَوْا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ جَمَاعَةً وَأُلْفَةً سَاءَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا رَأَوْا مِنْهُمْ فُرْقَةً وَاخْتِلَافًا فَرِحُوا " وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَإِنْ تَصْبِرُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، مِنَ اتِّخَاذِ بِطَانَةٍ لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ صِفَتَهُمْ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ مَا نَهَاكُمْ، وَتَتَّقُوا رَبَّكُمْ، فَتَخَافُوا التَّقَدُّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِيمَا أَلْزَمَكُمْ، وَأَوْجَبَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ، لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا: أَيْ كَيَدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ. وَيَعْنِي بِكَيْدِهِمْ غَوَائِلَهُمُ الَّتِي يَبْتَغُونَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَمَكْرَهُمْ بِهِمْ لِيَصُدُّوهُمْ عَنِ الْهُدَى وَسَبِيلِ الْحَقِّ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٠] فَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: (لَا يَضِرْكُمْ) مُخَفَّفَةً بِكَسْرِ الضَّادِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ضَارَنِي فُلَانٌ فَهُوَ يُضِيرُنِي ضَيْرًا، وَقَدْ حُكِيَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ: مَا يَنْفَعُنِي وَلَا يَضُورُنِي، فَلَوْ كَانَتْ قُرِئَتْ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ لَقِيلَ: لَا يَضِرْكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ،