إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: ٢] ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنِ اتَّقَوُا اللَّهَ فِي ذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِيهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ اللَّهِ، وَالتَّحَرُّجِ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ ظَنُّ التَّحَرُّجِ فِي أَمْرِ الْيَتَامَى، وَأَعْلَمَهُمْ كَيْفَ التَّخَلُّصُ لَهُمْ مِنَ الْجَوْرِ فِيهِنَّ، كَمَا عَرَّفَهُمُ الْمَخْلَصَ مِنَ الْجَوْرِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَقَالَ: انْكِحُوا إِنْ أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ فِي النِّسَاءِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، مَا أَبَحْتُ لَكُمْ مِنْهُنَّ وَحَلَّلْتُهُ، مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا الْجَوْرَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي أَمْرِ الْوَاحِدَةِ بِأَنْ تَقْدِرُوا عَلَى إِنْصَافِهَا، فَلَا تَنْكِحُوهَا، وَلَكِنْ تَسَرَّوْا مِنَ الْمَمَالِيكِ، فَإِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ أَمْلَاكَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَلَا يَلْزَمُكُمْ لَهُنَّ مِنَ الْحُقُوقِ كَالَّذِي يَلْزَمُكُمْ لِلْحَرَائِرِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْرَبَ لَكُمْ إِلَى السَّلَامَةِ مِنَ الْإِثْمِ وَالْجَوْرِ، فَفِي الْكَلَامِ إِذْ كَانَ الْمَعْنَى مَا قُلْنَا، مَتْرُوكٌ اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ عَنْ ذِكْرِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَتَعْدِلُوا فِيهَا، فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا فِي حُقُوقِ النِّسَاءِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَلَا تَتَزَوَّجُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ مَعَهُ الْجَوْرَ، مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَوَاحِدَةً، وَإِنْ خِفْتُمْ فِي الْوَاحِدَةِ فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَتَرَكَ ذِكْرَ قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ