فَخَافُوا أَنْ تُقْسِطُوا فِي حُقُوقِ النِّسَاءِ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] ؟ قِيلَ: قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] غَيْرَ أَنَّ الْمَعْنَىَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣] وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ مَعْنَى الْإِقْسَاطِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَدْلُ وَالْإِنْصَافُ، وَأَنَّ الْقَسْطَ الْجَوْرُ وَالْحَيْفُ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا الْيَتَامَى، فَإِنَّهَا جَمْعٌ لِذُكْرَانِ الْأَيْتَامِ وَإِنَاثِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَانْكِحُوا مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ دُونَ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهُنَّ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] «مَا حَلَّ لَكُمْ»
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ -[٣٧٠]- أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] يَقُولُ: «مَا حَلَّ لَكُمْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وَلَمْ يَقُلْ: فَانْكِحُوا مَنْ طَابَ لَكُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ مَا فِي غَيْرِ النَّاسِ؟ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: فَانْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا


الصفحة التالية
Icon