الْأَرْضِ. قَالَ قَابِيلُ: عَظُمَتْ خَطِيئَتِي عَنْ أَنْ تَغْفِرَهَا، قَدْ أَخْرَجْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَأَتَوَارَى مِنْ قُدَّامِكَ، وَأَكُونُ فَزِعًا تَائِهًا فِي الْأَرْضِ، وَكُلُّ مَنْ لَقِيَنِي قَتَلَنِي. فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ كُلُّ قَاتِلٍ قَتِيلًا يُجْزَى وَاحِدًا، وَلَكِنْ يُجْزَى سَبْعَةً، وَجَعَلَ اللَّهُ فِي قَابِيلَ آيَةً، لِئَلَّا يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ. وَخَرَجَ قَابِيلُ مِنْ قُدَّامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ شَرْقِيَّ عَدْنِ الْجَنَّةِ "
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: «لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ نَشَفَتِ الْأَرْضُ دَمَهُ، فَلُعِنَتْ، فَلَمْ تُنَشِّفِ الْأَرْضُ دَمًا بَعْدُ» فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: فَأَثَارَ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ إِذْ لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَعُ بِأَخِيهِ الْمَقْتُولِ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ، يَقُولُ: يَحْفِرُ فِي الْأَرْضِ، فَيُثِيرُ تُرَابَهَا لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ، يَقُولُ: لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي جِيفَةَ أَخِيهِ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِالسَّوْءَةِ الْفَرْجَ، غَيْرَ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَفِي ذَلِكَ مَحْذُوفٌ تُرِكَ ذِكْرُهُ اسْتِغْنَاءً بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ، وَهُوَ: فَأَرَاهُ بِأَنْ بَحَثَ فِي الْأَرْضِ لِغُرَابٍ آخَرَ مَيِّتٍ، فَوَارَاهُ فِيهَا، فَقَالَ الْقَاتِلُ أَخَاهُ حِينَئِذٍ: ﴿يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ﴾ [المائدة: ٣١] الَّذِي وَارَى الْغُرَابَ الْآخَرَ