حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ أَشْهَبَ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ، عَنِ السَّبُعُ، يَعْدُو عَلَى الْكَبْشِ، فَيَدُقُّ ظَهْرَهُ، أَتَرَى أَنْ يُذَكَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَيُؤْكَلَ؟ قَالَ: " إِنْ كَانَ بَلَغَ السَّحْرَ، فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْكَلَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَصَابَ أَطْرَافَهُ، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. قِيلَ لَهُ: وَثَبَ عَلَيْهِ فَدَقَّ ظَهْرَهُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُؤْكَلَ، هَذَا لَا يَعِيشُ مِنْهُ. قِيلَ لَهُ: فَالذِّئْبُ يَعْدُو عَلَى الشَّاةِ فَيَشُقُّ بَطْنَهَا وَلَا يَشُقُّ الْأَمْعَاءَ؟ قَالَ: إِذَا شَقَّ بَطْنَهَا فَلَا أَرَى أَنْ تُؤْكَلَ " وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣] اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ، وَسَائِرُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي أَحْلَلْتُهَا لَكُمْ بِالتَّذْكِيَةِ حَلَالٌ. وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣] اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾ [المائدة: ٣] لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ الصِّفَةَ الَّتِي هُوَ بِهَا قَبْلَ حَالِ مَوْتِهِ، فَيُقَالَ: لِمَا قَرَّبَ الْمُشْرِكُونَ لِآلِهَتِهِمْ فَسَمَّوْهُ لَهُمْ: هُوَ ﴿مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣] بِمَعْنَى: سُمِّيَ قُرْبَانًا لِغَيْرِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ الْمُنْخَنِقَةُ: إِذَا انْخَنَقَتْ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَهِيَ مُنْخَنِقَةٌ،


الصفحة التالية
Icon