شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَلَمَّا نَزَلَ: أَنْ يُحْبَسَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ، أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ، إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ، فَلَمَّا حَلَفَا خُلِّيَ سَبِيلُهُمَا. ثُمَّ إِنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ، فَأُخِذَ الدَّارِيَّانِ فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَذِبَا، فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا. فَرَفَعُوا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ [المائدة: ١٠٧]، يَقُولُ: فَإِنِ اطُّلِعَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ، إِنْ كَتَمَا حَقًّا، فَآخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ، فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنَّ مَالَ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ الَّذِي يَطْلُبُ قِبَلَ الدَّارِيَّيْنِ لَحَقٌّ، وَمَا اعْتَدَيْنَا، إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. هَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا، يَعْنِي: الدَّارِيَّيْنِ وَالنَّاسَ أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: " فَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ دَعْوَى وَرَثَتِهِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِمَا الْوَصِيَّةُ خِيَانَةً فِيمَا دَفَعَ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ إِلَيْهِمَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَبْرَأُ فِيهَا الْمُدَّعِي ذَلِكَ قِبَلُهُ إِلَّا بِيَمِينٍ، وَإِنَّ نَقْلَ الْيَمِينِ إِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ عُثِرَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فِي


الصفحة التالية
Icon