وصدّقا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
التفسِير: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ أي بيّن وأعلم تعالى عباده بانفراده بالوحدانية، قال الزمخشري: شبهت دلالته على وحدانيته بشهادة الشاهد في البيان والكشف ﴿والملائكة وَأُوْلُواْ العلم﴾ أي وشهدت الملائكة وأهل العلم بوحدانيته بدلائل خلقه وبديع صنعه ﴿قَآئِمَاً بالقسط﴾ أي حال كونه مقيماً للعدل فيما يقسم من الآجال والأرزاق ﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ أي لا معبود في الوجود بحق إِلا هو ﴿العزيز الحكيم﴾ أي العزيز في ملكه الحكيم في صنعه ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام﴾ أي الشرع المقبول عند الله هو الإِسلام، ولا يدن يرضاه الله سوى الإِسلام ﴿وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم﴾ أي وما اختلف اليهود والنصارى في أمر الإِسلام ونبوة محمد عليه السلام، إِلا بعد أن علموا بالحجج النيرّة والآيات الباهرة حقيقة الأمر، فلم يكن كفرهم عن شبهة وخفاء وإِنما كان عن استكبار وعناد، فكانوا ممن ضلَّ عن علم ﴿بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ أي حسداً كائناً بينهم حملهم عليه حب الرئاسة ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الحساب﴾ وهو وعيد وتهديد أي من يكفر بآياته تعالى فإِنه سيصير إلى الله سريعاً فيجازيه على كفره ﴿فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ﴾ أي إِن جادلوك يا محمد في شأن الدِّين فقل لهم: أنا عبدٌ لله قد استسلمتُ بكليتي لله، وأخلصت عبادتي له وحده، لا شريك له ولا نِدّ ولا صاحبة ولا ولد ﴿وَمَنِ اتبعن﴾ أي أنا وأتباعي على ملة الإِسلام، مستسلمون منقادون لأمر الله ﴿وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب والأميين﴾ أي قل لليهود والنصارى والوثنيين من العرب ﴿أَأَسْلَمْتُمْ﴾ أي هل أسلمتم أم أنتم باقون على كفركم فقد أتاكم من البينات ما يوجب إِسلامكم ﴿فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهتدوا﴾ أي فإِن أسلموا كما أسلمتم فقد نفعوا أنفسهم بخروجهم من الضلال إِلى الهدى ومن الظلمة إِلى النور ﴿وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ﴾ أي وإِن أعرضوا فلن يضروك يا محمد إِذ لم يكلفك الله بهدايتهم وإِنما أنت مكلف بالتبليغ فحسب والغرض منها تسلية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿والله بَصِيرٌ بالعباد﴾ أي عالم بجميع أحوالهم فيجازيهم عليها، روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما قرأ هذه الآية على أهل الكتاب قالوا: أسلمنا فقال عليه السلام لليهود: أتشهدون أن عيسى كلمة الله وعبده ورسوله ﴿فقالوا: معاذ الله، فقال للنصارى: أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله﴾ فقالوا: معاذ الله أن يكون عيسى عبداً وذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَّإِن تَوَلَّوْاْ﴾.
﴿إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله﴾ أي يكذبون بما أنزل الله ﴿وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ أي يقتلون أنبياء الله بغير سبب ولا جريمة إِلا لكونهم دعوهم إِلى الله، وهم اليهود قتلوا زكريا وابنه يحيى وقتلوا أنبياء الله، قال ابن كثير: «قتلت بنو إِسرائيل ثلاثمائة نبيّ من أول النهار، وأقاموا سوق بقلهم من آخره» ﴿وَيَقْتُلُونَ الذين يَأْمُرُونَ بالقسط﴾ أي أخبرهم بما يسرهم وهو العذاب الموجع المهين، والأسلوب للتهكم وقد استحقوا ذلك لأنهم جمعوا ثلاثة أنواع من الجرائم: الكفر بآيات الله، وقتل الأنبياء، وقتل الدعاة


الصفحة التالية
Icon