سَبَبُ النّزول: أ - لما افتتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مكة ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود: هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم!! هم أعزُّ وأمنع من ذلك ألم يكفه مكة حتى طمع في ملك فارس والروم فأنزل الله ﴿قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ... ﴾ الآية.
ب - عن ابن عباس أن «عُبادة بن الصامت» - وكان بدرياً تقياً - كان له حلفٌ مع اليهود، فلما خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يوم الأحزاب قال له عبادة: يا نبيَّ الله إِن معي خمسمائة من اليهود وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو فأنزل الله ﴿لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ﴾ الآية.
التفِسير: ﴿قُلِ اللهم مَالِكَ الملك﴾ أي قل: يا ألله يا مالك كل شيء ﴿تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ﴾ أي أنت المتصرف في الأكوان، تهب الملك لمن تشاء وتخلع الملك ممن تشاء ﴿وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ﴾ أي تعطي العزة لمن تشاء والذلة لمن تشاء ﴿بِيَدِكَ الخير إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي بيدك وحدك خزائن كل خير وأنت كل على كل شيء قدير ﴿تُولِجُ الليل فِي النهار وَتُولِجُ النهار فِي الليل﴾ أي تدخل الليل في النهار كما تدخل النهار في الليل، فتزيد في هذا وتنقص في ذاك والعكس، وهكذا في فصول السنة شتاءً وصيفاً ﴿وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحي﴾ أي تخرج الزرع من الحب والحب من الزرع، والنخلةَ من النواة والنواة من النخلة، والبيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة، والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن هكذا قال ابن كثير، وقال الطبري: «وأولى التأويلات بالصواب تأويل من قال: يخرج الإِنسان الحيَّ والأنعام والبهائم من النطف الميتة، ويخرج النطفة الميتة من الإِنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء» ﴿وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي تعطي من تشاء عطاءً واسعاً بلا عدٍّ ولا تضييق.
. ثم نهى تعالى عن اتخاذ الكافرين أنصاراً وأحباباً فقال {لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ