الكفار فهو سؤال تبكيت ﴿قُل للَّهِ﴾ أي قل لهم تقريراً وتنبيهاً هي لله لأن الكفار يوافقون على ذلك بالضرورة لأنه خالق الكل إِما باعترافهم أو بقيام الحجة عليهم ﴿كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة﴾ أي ألزم نفسه الرحمة تفضلاً وإِحساناً والغرضُ التلطف في دعائهم إِلى الإِيمان وإِنابتهم إِلى الرحمن ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ أي ليحشرنكم من قبوركم مبعوثين إِلى يوم القيامة الذي لا شك فيه ليجازيكم بأعمالكم ﴿الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ أي أضاعوها بكفرهم وأعمالهم السيئة في الدنيا فهم لا يؤمنون ولهذا لا يقام لهم وزن في الآخرة وليس لهم نصيب فيها سوى الجحيم والعذاب الأليم ﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي الليل والنهار﴾ أي لله عَزَّ وَجَلَّ ما حلّ واستقر في الليل والنهار الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه، والمراد عموم ملكه تعالى لكل شيء ﴿وَهُوَ السميع العليم﴾ أي السميع لأقوال العباد العليم بأحوالهم ﴿قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً﴾ الاستفهام للتوبيخ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين أغير الله أتخذ معبوداً؟ ﴿فَاطِرِ السماوات والأرض﴾ أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ أي هو جل وعلا يْرزق ولا يُرْزَق قال ابن كثير: أي هو الرازق لخلقه من غير احتياج إليهم ﴿قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ أي قل لهم يا محمد إِن ربي أمرني أن أكون أول من أسلم لله من هذه الأمة ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين﴾ أي وقيل لي: لا تكوننَّ من المشركين قال الزمخشري ومعناه: أُمرتُ بالإِسلام ونُهيت عن الشرك ﴿قُلْ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ أي قل لهم أيضاً إِنني أخاف إِن عبدتُ غير ربي عذاب يوم عظيم هو يوم القيامة ﴿مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ أي من يصرف عنه العذاب فقد رَحِمَهُ اللَّهُ ﴿وَذَلِكَ الفوز المبين﴾ أي النجاة الظاهرة ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ أي إِن تنزل بك يا محمد شدةٌ من فقرٍ أو مرضٍ فلا رافع ولا صارف له إِلا هو ولا يملك كشفه سواه ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ﴾ أي وإن يصبك بخيرٍ من صحةٍ ونعمة فلا رادّ له لأنه وحده القادر على إِيصال الخير والضر قال في التسهيل: والآية برهان على الوحدانية لانفراد الله تعالى بالضر والخير وكذلك ما بعد هذا من الأوصاف براهين ورد على المشركين ﴿وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحكيم الخبير﴾ قال ابن كثير: أي هو الذي خضعت له الرقاب وذلّت له الجبابرة وعنت له الوجوه وقهر كل شيء وهو الحكيم في جميع أفعاله الخبير بمواضع الأشياء.
البَلاَغَة: ١ - ﴿الحمد للَّهِ﴾ الصيغة تفيد القصر أي لا يستحق الحمد والثناء إلا الله رب العالمين.
٢ - ﴿الظلمات والنور﴾ فيه من المحسنات البديعية الطباق.


الصفحة التالية
Icon