المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى حال الكفار الأشقياء وخسارتهم الفادحة في الآخرة، ذكر هنا أنه لا حجة لأحد فقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لهداية البشرية، ثم ذكر قصص بعض الأنبياء فبدأ بنوح عليه السلام شيخ الأنبياء ثم أعقبه بذكر هودٍ عليه السلام وموقف المشركين من دعوة الرسل الكرام.
اللغة: ﴿تَأْوِيلَهُ﴾ عاقبة أمره وما يئول إليه من آل يئول إذا صار إليه ﴿استوى﴾ الاستواء: العلوّ والاستقرار قال الجوهري: استوى على ظهر الدابة استقرّ: واستوى إلى السماء قصد، واستوى الشيءُ إذا اعتدل ﴿يُغْشِي﴾ يغطيّ ﴿حَثِيثاً﴾ سريعاً والحثُّ: الإِعجال والسرعة ﴿تَبَارَكَ﴾ تفاعل من البركة وهي الكثرة والاتساع قال الأزهري: تبارك أي تعالى وتعاظم وارتفع ﴿تَضَرُّعاً﴾ تذللاً واستكانة وهو إظهار الذل الذي في النفس مع الخشوع ﴿وَخُفْيَةً﴾ سراً ﴿بُشْراً﴾ مبشرة بالمطر ﴿أَقَلَّتْ﴾ حملت ﴿نَكِداً﴾ العِسر القليل ﴿آلاء﴾ [النجم: ٥٥] الآلاء النِّعَم واحدها «لَى» كمِعَى.
التفِسير: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ﴾ أي ولقد جئنا أهل مكة بكتاب هو القرآن العظيم ﴿فَصَّلْنَاهُ على عِلْمٍ﴾ أي هداية معانيه ووضحنا أحكامه على علم منا حتى جاء قيّماً غير ذي عوج ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي هداية ورحمة وسعادة لمن آمن به ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ﴾ أي ما ينتظر أهل مكة إلا عاقبة ما وُعدوا به من العذاب والنكال قال قتادة: تأويله عاقبتُه ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ هو يوم القيامة ﴿يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ﴾ أي يقول الذين ضيّعوا وتركوا العمل به في الدنيا ﴿قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق﴾ أي جاءتنا الرسل بالأخبار الصادقة وتحقق لنا صدقهم فلم نؤمن بهم ولم نتبعهم قال الطبري: أقسم المساكين حين حل بهم العقاب أن رسل الله قد بلّغتهم الرسالة ونصحتْ لهم


الصفحة التالية
Icon