المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى الأدلة على فساد عبادة الأوثان، وشبهات المشركين حول الرسالة والقرآن، ذكر هنا أن عادة هؤلاء الأشقياء المكرُ، والجحودُ، والعِنَاد، فإن أصابتهم الشدة تضرّعوا، وإن جاءتهم الرحمة بطروا وكفروا، ثم ضرب تعالى المثل بالحياة الدنيا في الزوال والفناء، ثم عاد إِلى ذكر الأدلة والبراهين، على وحدانية الله ربّ العالمين.
اللغَة: ﴿عَاصِفٌ﴾ العاصف: الريح الشديدة التي تعصف بالأوراق والأشجار، قال الفراء: يقال عصفت الريح وأعصفت أي اشتدت قال الشاعر:
إِن الرياح إذا ما أعصَفَتْ قَصَفَتْ | عيدانَ نجدٍ ولا يَعْبأنَ بالرّتم |
متوّجٌ برداء الملك يتبعه | موجٌ ترى فوقه الراياتِ والقَتَرا |
التفسِير: ﴿وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ﴾ المراد بالناس كفار مكة رُوي أن الله سلّط عليهم القحط سبع سنين حتى كادوا يهلكون فطلبوا منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يدعو لهم بالخصب ووعدوه بالإِيمان فلما رحمهم الله بإنزال المطر رجعوا إلى الكفر والعناد والمعنى: وإذا أذقنا هؤلاء المشركين رخاءً بعد شدة، وخصباً بعد جدب أصابهم ﴿إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ في آيَاتِنَا﴾ قال مجاهد: استهزاءٌ وتكذيب ﴿قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْراً﴾ أي أعجل عقوبة على جزاء مكرهم ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ أي إنَّ الملائكة الحفظة يكتبون مكركم ويسجّلون إجرامكم، وفيه تنبيهٌ على أن ما دبَّروه غير خاف على