في الضلال والطغيان ﴿اطمس﴾ الطمسُ: المسخ قال الزجاج: طمسُ إِذهابه عن صورته ومنه عينٌ مطموسة.
التفسِير: ﴿واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ﴾ أي اقرأ يا محمد على المشركين من أهل مكة خبر أخيك نوحٍ مع قومه المكذبين ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ياقوم إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ﴾ أي حين قال لقومه الجاحدين المعاندين يا قوم إِن كان عظمُ وشقَّ عليكم ﴿مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ الله﴾ أي طولُ مقامي ولبثي فيكم، وتخويفي إِياكم بآيات ربكم، وعزمتم على قتلي طردي ﴿فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ﴾ أي على الله وحده اعتمدت، وبه وثقت فلا أبالي بكم ﴿فأجمعوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ﴾ أي فاعزموا أمركم وادعوا شركاءكم، ودبّروا ما تريدون لمكيدتي ﴿ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ أي لا يكن أمركم في شأني مستوراً بل مكشوفاً مشهوراً، ﴿ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ﴾ أي أَنْفذوا ما تريدونه في أمري ولا تؤخروني ساعة واحدة، قال أبو السعود: وإِنما خاطبهم بذلك إِظهاراً لعدم المبالاة، وثقةً بالل وبوعده من عصمته وكلاءته ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ﴾ أي فإِن أعرضتم عن نصيحتي وتذكيري فليس لأني طلبت منكم أجراص حتى تمتنعوا، بل لشقاوتكم وضلالكم ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله﴾ أي ما أطلب ثواباً أو جزاءً على تبليغ الرسالة إِلا من الله، وما نصحتكم إلا لوجه الله لا لغرضٍ من أغراض الدنيا ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين﴾ أي من الموحدين لله تعالى ﴿فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفلك﴾ أي فأصروا واستمروا على تكذيب نوح فنجيناه ومن معه من المؤمنين في السفينة ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ﴾ أي جعلنا من معه من المؤمنين سكان الأرض وخلفاً ممن غرق ﴿وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ أي أغرقنا المكذبين بالطوفان ﴿فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين﴾ أي انظر يا محمد كيف كان نهاية المكذبين لرسلهم؟ والغرض: تسلية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والتحذير لكفار مكة أن يحل بهم ما حلَّ بالسابقين ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ﴾ أي أرسلنا من بعد نوح رسلاً إِلى قومهم يعني هوداً وصالحاً ولوطاً وإِبراهيم وشعيباً ﴿فَجَآءُوهُمْ بالبينات﴾ أي بالمعجزات الواضحات ﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ﴾ أي ما كانوا ليصدقوا بما جاءتهم به الرسل، ولم يزجرهم عقاب السابقين ﴿كَذَلِكَ نَطْبَعُ على قُلوبِ المعتدين﴾ أي كذلك نختم على قلوب المجاوزين الحدَّ في الكفر والتكذيب والعناد ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ موسى وَهَارُونَ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ أي بعثنا من بعد أولئك الرسل والأمم موسى وهارون إِلى فرعون وأشراف قومه ﴿بِآيَاتِنَا﴾ أي بالبراهين والمعجزات الباهرة، وهي الآيات التسع المذكورة في سورة الأعراف
﴿فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٣] أي تكبروا عن الإِيمان بها وكانوا مفسدين، تعوّدوا الإِجرام وارتكاب الذنوب العظام ﴿فَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا قالوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ أي فلما وضح لهم الحق الذي جاءهم به موسى من اليد والعصا قالوا لفرط عتوهم وعنادهم: هذا سحرٌ ظاهرٌ بيِّن أراد به موسى أن يسحرنا ﴿قَالَ موسى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ﴾ الاستفهام للإِنكار والتوبيخ أي أتقولون عن هذا الحق إِنه سحرٌ؟ ثم أنكر عليهم أيضاً باستفهام آخر ﴿أَسِحْرٌ هذا﴾ أي أسحرٌ هذا الذي جئتكم به؟ ﴿وَلاَ يُفْلِحُ الساحرون﴾ أي والحال أنه لا


الصفحة التالية
Icon