يفوز ولا ينجح الساحرون ﴿قالوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ أي أجئتنا لتصرفنا وتلوينا عن دون الآباء والأجداد؟ ﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الكبريآء فِي الأرض﴾ أي يكون لك ولأخيك هارون العظمة والملك والسلطان في أرض مصر ﴿وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي ولسنا بمصدقين لكما فيما جئتما به ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائتوني بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ أي ائتوني بكل ساحر ماهر، عليمٍ بفنون السحر ﴿فَلَمَّا جَآءَ السحرة قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ في الكلام محذوف تقديره فأتوه بالسحرة فلما جاءوا قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون من حبالكم وعصيكم ﴿فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ موسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر﴾ أي ما جئتم به الآن هو السحرُ لا ما اتهمتموني به ﴿إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ﴾ أي سيمحقه وسيذهب به ويظهر بطلانه للناس ﴿إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين﴾ أي لا يصلح عمل من سعى بالفساد ﴿وَيُحِقُّ الله الحق بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي يثبت الله الحق ويقوّيه بحججه وبراهينه ﴿وَلَوْ كَرِهَ المجرمون﴾ أي ولو كره ذلك الفجرة الكافرون ﴿فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ أي فما آمن مع موسى ولا دخل في دينه، مع مشاهدة تلك الآيات الباهرة إِلا نفرٌ قليلٌ من أولاد بني إِسرائيل قال مجاهد: هم أولاد الذين أُرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم ﴿على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ﴾ أي على تخوف وحذر من فرعون وملأه أن يعذبهم ويصرفهم عن دينهم ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض﴾ أي عاتٍ متكبر مفسد في الأرض ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين﴾ أي المتجاوزين الحدَّ بادعاء الربوبية ﴿وَقَالَ موسى ياقوم إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بالله﴾ أي قال لقومه لما رأى تخوف المؤمنين من فرعون يا قوم إِن كنتم صدقتم بالله وبآياته ﴿فَعَلَيْهِ توكلوا﴾ أي على الله وحده اعتمدوا فإِنه يكفيكم كل شرٍّ وضُرّ ﴿إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ أي إِن كنتم مستسلمين لحكم الله منقادين لشرعه ﴿فَقَالُواْ على الله تَوَكَّلْنَا﴾ أي أجابوا قائلين: على ربنا اعتمدنا وبه وثقنا ﴿رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين﴾ أي لا تسلّطهم علينا حتى يعذبونا ويفتتنوا بنا فيقولوا: لو كان هؤلاء على الحق لما أصيبوا ﴿وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القوم الكافرين﴾ أي خلِّصنا وأنقذنا بفضلك وإِنعامك من كيد فرعون وأنصاره الجاحدين ﴿وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً﴾ أي اتخذا لهم بيوتاً للصلاة والعبادة ﴿واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ اي اجعلوها مصلّى تصلون فيها عند الخوف قال ابن عباس: كانوا خائفين فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم ﴿وَأَقِيمُواْ الصلاة﴾ أي أدوا الصلاة المفروضة في أوقاتها، بشروطها وأركانها على الوجه الأكمل ﴿وَبَشِّرِ المؤمنين﴾ أي بشّر يا موسى أتباعك المؤمنين بالنصر والغلبة على عدوهم ﴿وَقَالَ موسى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحياة الدنيا﴾ أي قال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم، زينةً من متاع الدنيا وأثاثها، وأنواعاً كثيرة من المال ﴿رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ﴾ اللام لامُ العاقبة أي آتيتهم تلك الأموال الكثيرة لتكون عاقبة أمرهم إِضلال الناس عن


الصفحة التالية
Icon