يخلق بشراً من غير أبوين، فكيف من شيخ فانٍ وعجوزٍ عاقر؟ ولذلك أجابهم بذلك الجواب ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون﴾ أي قال إبراهيم ما شأنكم وما أمركم الذي جئتم من أجله أيها الملائكة الكرامُ؟ ﴿قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ﴾ أي أرسلنا ربنا إلى قومٍ مشركين ضالين لإِهلاكهم يعنون قوم لوط ﴿إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي إلا أتباعَ لوط وأهلَه المؤمنين، فسننجيهم من ذلك العذاب أجمعين ﴿إِلاَّ امرأته قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين﴾ أي إلا امرأة لوط فقد قدَّر الله بقاءها في العذاب مع الكفرة الهالكين قال القرطبي: استثنى من آل لوطٍ امرأته وكانت كافرة فالتحقت بالمجرمين في الهلاك ﴿فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ المرسلون﴾ أي فلما أتى رسلُ الله لوطاً عليه السلام ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ أي قال لهم إنكم قوم لا أعرفكم فماذا تريدون؟ ﴿قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ أي قالوا له بل نحن رسل الله، جئناك بما كان فيه قومك يشكُّون فيه وهو نزول العذاب الذي وعدتهم به ﴿وَآتَيْنَاكَ بالحق وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ أي أتيناك بالحق اليقين من عذابهم وإنا لصادقون فيما نقول ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اليل﴾ أي سرْ بأهلك في طائفةٍ من الليل ﴿واتبع أَدْبَارَهُمْ﴾ أي كنْ من ورائهم وسرْ خلفهم لتطمئنَّ عليهم ﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾ أي لا يتلفتْ أحد منكم وراءه لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم فيرتاع ﴿وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ أي سيروا حيث يأمركم الله عَزَّ وَجَلَّ قال ابن عباس: يعني الشام ﴿وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ﴾ أي أوحينا إلى لوط ذلك الأمر العظيم أن أولئك المجرمين سيُستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحدٌ ﴿مُّصْبِحِينَ﴾ أي إذا دخل الصباح تمَّ هلاكهم واستئصالهم ﴿وَجَآءَ أَهْلُ المدينة يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي جاء أهل مدينة سدوم - وهم قوم لوطٍ - مسرعين يستبشرون بأضيافه، طمعاً في ارتكاب الفاحشة بهم، ظناً منهم أنهم أناسٌ أمثالهم قال المفسرون: أُخبر أولئك السفهاء أن في بيت لوطٍ شباناً مرداً حساناً فأسرعوا فرحين يبشّر بعضهم بعضاً بأضياف لوط ﴿قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ﴾ أي هؤلاء ضيوفي فلا تقصدوهم بسوء فتُلحقوا بي العار وتفضحوني أمامهم ﴿واتقوا الله وَلاَ تُخْزُونِ﴾ أي خافوا الله أن يحلَّ بكم عقابه، ولا تهينوني بالتعرض لهم بالمكروه ﴿قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين﴾ أي قالوا ألم نمنعك عن ضيافة أحد؟ قال الرازي: المعنى ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحدٍ من الناس إذا قصدناه بالفاحشة؟ ﴿قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ أي هؤلاء النساء فتزوجوهنَّ ولا تركنوا إلى الحرام


الصفحة التالية
Icon