إن كنتم تريدون قضاء الشهوة قال المفسرون: المراد بقوله ﴿بَنَاتِي﴾ بناتُ أمته لأن كل نبيٍّ يعتبر أباً لقومه ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي وحياتك يا محمد إن قوم لوط لفي ضلالهم وجهلهم يتخبطون ويترددون، وهذه جملة اعتراضية جاءت ضمن قصة لوط قسماً بحياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تكريماً له وتشريفاً قال ابن عباس: «ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرمَ على الله من محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وما سمعتُ اللهَ أقسم بحياة أحدٍ غيره» ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُشْرِقِينَ﴾ أي أخذتهم صيحةُ العذاب المهلكة المدمرة وقت شروق الشمس ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ أي قلبناها بهم فجعلنا أعالي المنازل أسافلها قال المفسرون: حمل جبريل عليه السلام قريتهم واقتعلها من جذورها، حتى رأوا الأفلاك وسمعوا تسبيح الأملاك ثم قلبها بهم ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ أي أنزلنا عليهم حجارة كالمطر من طين طبخ بنار جهنم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ أي فيما حلَّ بهم من الدمار والعذاب للدلالات وعلامات للمعتبرين، المتأملين بعين البصر والبصيرة ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ﴾ أي وإن هذه القرى المهلكة، وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه، لبطريقٍ ثابتٍ لم يندرس، يراها المجتازون في أسفارهم أفلا يعتبرون؟ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي لعبرةً للمصدّقين ﴿وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيكة لَظَالِمِينَ﴾ أي وإنه الحال والشأن كان قوم شعيب - وهم أصحاب الأيكة أي الشجر الكثير المتلف - لظالمين بتكذيبهم شعيباً، وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان ﴿فانتقمنا مِنْهُمْ﴾ أي أهلكناهم بالرجفة وعذاب يوم الظُلَّة قال المفسرون: اشتد الحر عليهم سبعة أيام حتى قربوا من الهلاك، فبعث الله عليهم سحابة كالظلة، فالتجئوا إليها واجتمعوا تحتها للتظلل بها، فبعث الله عليهم منها ناراً فأحرقتهم جميعاً ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ أي وإن قرى قوم لوط وشعيب لطريق واضح أفلا تعتبرون بهم يا أهل مكة؟ ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين﴾ هذه هي القصة الرابعة وهي قصة صالح عليه السلام أي كذبت ثمود نبيَّهم صالحاً - والحجرُ وادٍ بين المدينة والشام وآثاره باقية يمرُّ عليها المسافرون - قال البيضاوي: ومن كذَّب واحداً من الرسل فكأنما كذب الجميع ولذا قال ﴿المرسلين﴾ ﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ أي وأريناهم معجزاتنا الدالة على قدرتنا مثل الناقة وما فيها من العجائب فكانوا لا يعتبرون بها ولا يتَّعظون قال ابن عباس: كان في الناقة آيات: خروجُها من الصخرة، ودنوُّ ولادتها عند خروجها، وعظمُ خَلْقها فلم تشبهها ناقة، وكثرةُ لبنها حتى كان يكفيهم جميعاً فلم يتفكروا فيها ولم يستدلوا بها ﴿وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتاً آمِنِينَ﴾ أي كانوا ينقبون الجبال فيبنون فيها بيوتاً آمنين يحسبون أنها تحميهم من عذاب الله ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُصْبِحِينَ﴾ أي أخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا ﴿فَمَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ أي ما دفع عنهم عذابَ الله ما كانوا يشيدونه من القلاع والحصون ﴿وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق﴾ أي وما خلقنا الخلائق كلَّها سماءها وأرضها وما بينهما إلا خلقاً ملتبساً بالحق، فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء المكذبين لئلا يعم الفساد {وَإِنَّ


الصفحة التالية
Icon