يَأْتِيكُمْ بِهِ الله إِن شَآءَ} أي أمر تعجيل العذاب إليه تعالى لا إليَّ فهو الذي يأتيكم به إن شاء ﴿وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي ولستم بفائتين الله هرباً لأنكم في ملكه وسلطانه ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نصحي إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ﴾ أي ولا ينفعكم تذكيري إِياكم ونصحي لكم ﴿إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ﴾ أي إن أراد الله إضلالكم وهو جواب لما تقدم والمعنى ماذا ينفع نصحي لكم إن أراد الله شقاوتكم وإضلالكم؟ ﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي هو خالقكم والمتصرف في شئونكم، وإليه مرجعكم ومصيركم فيجازيكم على أعمالكم ﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه﴾ أي أيقول كفار قريش اختلق محمد هذا القرآن من عند نفسه ﴿قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ أي قل لهم يا محمد إن كنت قد افتريت هذا القرآن فعليَّ وزري وذنبي، ولا تؤاخذون أنتم بجريرتي ﴿وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تُجْرِمُونَ﴾ أي وأنا بريءٌ من إجرامكم بكفركم وتكذيبكم، والآية اعتراضٌ بين قصة نوح للإِشارة إلى أن موقف مشركي مكة كموقف المشركين من قوم نوح في العناد والتكذيب ﴿وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ﴾ أي أوحى الله إلى نوحٍ أنه لن يتبعك ويصدِّق برسالتك إلا من قد آمن من قبل ﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ أي فلا تحزن بسبب كفرهم وتكذيبهم لك فإني مهلكهم ﴿واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا﴾ أي اصنع السفينة تحت نظرنا وبحفظنا ورعايتنا ﴿وَوَحْيِنَا﴾ أي وتعليمنا لك قال مجاهد: أي كما نأمرك ﴿وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا﴾ أي لا تشفع فيهم فإني مهلكهم لا محالة ﴿إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ﴾ أي هالكون غرقاً بالطوفان ﴿وَيَصْنَعُ الفلك﴾ حكايةُ حالٍ ماضيةٍ لاستحضارها في الذهن أي صنع نوحٌ السفينة كما علّمه ربُّه ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ﴾ أي كلما مرَّ عليه جماعة من كبراء قومه هزءوا منه وضحكوا وقالوا: يا نوحُ كنتَ بالأمس نبياً، وأصبحتَ اليوم نجاراً!! ﴿قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا﴾ أي إن تهزءوا منا اليوم ﴿فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ أي فإنّا سنسخر منكم في المستقبل عندما تغرقون مثل سخريتكم منا الآن، فأنتم أولى بالسخرية والاستهزاء ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ وعيدٌ وتهديد أي سوف تعلمون عاقبة التكذيب والاستهزاء ﴿مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي عذابٌ يُذلُّه ويهينه وهو الغرق ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ أي وينزل عليه عذاب دائم لا ينقطع وهو عذاب جهنم ﴿حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ أي جاء أمرنا الموعود بالطوفان ﴿وَفَارَ التنور﴾ أي فار الماء من التنور الذي يوقد به النار قال العلماء: جعل الله ذلك علامة لنوح وموعداً لهلاك قومه، وقال ابن عباس: التنور وجهُ الأرض قال الطبري: والعرب تسمي وجه الأرض تنور الأرض، قيل له: إذا رأيتَ الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك في السفينة وقال ابن كثير: التنور وجه الأرض أي صارت الأرض عيوناً تفور، حتى فار الماء من التنانير التي هي مكان النار صارت تفور ماءً، وهذا قول


الصفحة التالية
Icon