نعطيهم الذي سألوا فإن كفروا أُهلكوا، فقال: لا بل أستأني بهم» فنزلت ﴿وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون... ﴾ الآية.
ب - لما ذكر تعالى شجرة الزقوم في القرآن قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمداً يخوّفكم بشجرة الزقوم، ألستم تعلمون أن النار تُحرق الشجر؟ ومحمد يزعم أن النار تُنْبِت الشجر، فهل تدرون ما الزقوم؟ هو التمر والزُّبد، يا جارية ابغينا تمراً وزُبداً، فجاءته به فقال: تزقّموا من هذا الذي يخوّفم به محمد فأنزل الله تعالى ﴿والشجرة الملعونة فِي القرآن وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً﴾.
التفسِير: ﴿وقالوا أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً﴾ استفهام تعجب وإنكار أي قال المشركون المكذبون بالبعث أئذا أصبحنا عظاماً نخرة، وذرات متفتتة كالتراب ﴿أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً﴾ أي هل سنُبعث ونُخْلق خلقاً جديداً بعد أن نبلى ونفنى؟ ﴿قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً﴾ أي قل لهم يا محمد لو كنتم حجارةً أو حديداً لقدر الله على بعثكم وإحيائكم فضلاً عن أن تكونوا عظاماً ورفاتاً فإن الله لا يعجزه شيء، فالحجارة والحديد أبعد عن الحياة وهي أصلب الأشياء ولو كانت أجسامكم منها لأعادها الله فكيف لا يقدر على إعادتكم إذا كنتم عظاماً ورفاتاً؟ ﴿أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾ أي أو كونوا خلقاً آخر أوغل في البعد عن الحياة من الحجارة والحديد مما يصعب في نفوسكم تصوُّرُ الحياة فيه فسيبعثكم الله قال مجاهد: المعنى كونوا ما شئتم فستعادون ﴿فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا﴾ ؟ أي من الذي يردنا إلى الحياة بعد فنائنا ﴿قُلِ الذي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أي قل لهم يعيدكم القادر العظيم الذي خلقكم وأنشأكم من العدم أول مرة ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ متى هُوَ﴾ ؟ أي يحركون رءوسهم متعجبين مستهزئين ويقولون استنكاراً واستبعاداً متى يكون البعث والإعادة؟ ﴿قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾ أي لعله يكون قريباً فإن كلَّ ما هو آتٍ قريب ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أي سيكون بعثكم يوم الحشر الأكبر يوم يدعوكم الرب جل وعلا للاجتماع في المحشر فتجيبون لأمره، وتظنون لهوْل ما ترون أنكم ما أقمتم في الدنيا إلا زمناً قليلا ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ التي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أي قل لعبادي المؤمنين يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلمة الطيبة ويختاروا من الكلام ألطفه وأحسنه وينطقوا دائماً بالحسنى ﴿إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ أي إن الشيطان يُفسد ويُهيج بين الناس الشرَّ ويُشعل نار الفتنة بالكلمة الخشنة يُفلت بها اللسان ﴿إِنَّ الشيطان كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾ أي ظاهر العداوة للإِنسان من قديم الزمان يتلمس سقَطَات لسانه ليُحدْث العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه ﴿رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ﴾ أي ربكم أيها الناس أعلم بدخائل نفوسكم إن يشأ يرحمكم بالتوفيق للإِيمان، وإن يشأ يعذبكم بالإِماتة على الكفر والعصيان ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ أي وما جعلناك يا محمد حفيظاً على أعمال الكفار كفيلاً عنهم لتقسرهم على الإِيمان إنما أرسلناك نذيراً فمن أطاعك دخل الجنة، ومن عصاك دخل النار ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السماوات والأرض﴾ إنتقالٌ من الخصوص إلى العموم أي ربك


الصفحة التالية
Icon