دعوتي فقد أبلغتكم أيها القوم رسالة ربي، وما على الرسول إلا البلاغ ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ أي فسوف يهلككم الله ويستخلف قوماً آخرين غيركم، وهذا وعيدٌ شديد ﴿وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً﴾ أي لا تضرون الله شيئاً بإشراككم ﴿إِنَّ رَبِّي على كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ أي إنه سبحانه رقيبٌ على كل شيء، وهو يحفظني من شركم ومكركم ﴿وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ أي ولما جاء أمرنا بالعذاب، وهو ما نزل بهم من الريح العقيم ﴿نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ أي نجينا من العذاب هوداً والمؤمنون بفضل عظيم ونعمة منا عليهم ﴿وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ أي وخلصانهم من ذلك العذاب الشديد، وهي الريح المدمرة التي كانت تهدم المساكن، وتدخل في أنوف أعداء الله وتخرج من أدبارهم، وتصرعهم على وجوههم حتى صاروا كأعجاز نخل خاوية ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ الإِشارة لآثارهم أي تلك آثار المكذبين من قوم عاد انظروا ماذا حلّ بهم حين كفروا بالله، وأنكروا آياته في الأنفس والآفاق الدالة على وحدانيته؟ ﴿وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ﴾ أي عصوا رسوله هوداً، وجمعه تفظيعاً لحالهم، وإظهاراً لكلمال كفرهم وعنادهم، ببيان أن عصيانهم له عصيانٌ لجميع الرسل السابقين واللاحقين لاتفاق كلمتهم على التوحيد ﴿واتبعوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ أي أطاعوا أمر كل مستكبر على الله، حائدٍ عن الحق، لا يُذعن له ولا يقبله، يريد به الرؤساء والكبراء ﴿وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً﴾ أي وأُلحقوا باللعنة والطرد من رحمة الله في الدنيا ﴿وَيَوْمَ القيامة﴾ أي ويوم القيامة أيضاً تلحقهم اللعنة قال الرازي: جعل اللعن رديفاً لهم ومتابعاً ومصاحباً في الدنيا والآخرة، ومعنى اللعنة الإِبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير ﴿ألا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ﴾ هذ تشنيعٌ لكفرهم وتهويلٌ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} أي أبعدهم الله من الخير، وأهلكهم عن بكرة أبيهم، وهي جملة دعائية بالهلاك واللعنة ﴿وإلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾ أي ولقد أرسلنا إلى قوم ثمود نبيا منهم وهو صالح عليه السلام ﴿قَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ﴾ أي اعبدوا الله وحده ليس لكم ربٌّ معبود سواه ﴿هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض﴾ أي هو تعالى ابتدأ خلقكم من الأرض، فخلق آدم من تراب ثم ذريته من نطفة ﴿واستعمركم فِيهَا﴾ أي جعلكم عمَّارها وسكانها تسكنون بها ﴿فاستغفروه ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ﴾ أي استغفروه من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ أي إنه سبحانه قريب الرحمة مجيب الدعاء ﴿قَالُواْ ياصالح قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هذا﴾ أي كنا نرجو أن تكون فينا سيّداً قبل تلك المقالة فلما قلتها انقطع رجاؤنا فيك ﴿أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ أي أتنهانا يا صالح عن عبادة الأوثان التي عبدها آباؤنا؟ ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ أي وإننا لشاكون في دعواك، وأمرُك مريب يوجب التهمة ﴿قَالَ ياقوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي﴾ أي أخبروني إن كنتُ على برهانٍ وحجة واضحةٍ من ربي ﴿وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً﴾ أي وأعطاني النبوة والرسالة ﴿فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِنْ عَصَيْتُهُ﴾ أي فمن يمنعني من عذاب الله إن عصيت أمره؟ ﴿فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾ أي فما تزيدونني بموافقتكم وعصيان