عظيماً قال الجوهري: الإدُّ: الداهية والأمر الفظيع ﴿رِكْزاً﴾ الركز: الصوت الخفي.
سَبَبُ النّزول: عن خباب بن الأرت قال: كنتُ رجلاً قيناً - أي حداداً - وكان لي على العاص بن وائل دينٌ فأتيتُه أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث - أي تموت الآن وتبعث أمامي وهذا من باب المستحيل - قال: فإني إذا متُّ ثم بُعثتُ جئتني ولي ثمَّ مالٌ فأعطيتك فأنزل الله ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً﴾.
التفسِير: ﴿وَيَقُولُ الإنسان أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾ أي يقول الكافر الذي لا يصدق بالبعث بعد الموت على وجه الإِنكار والاستبعاد: أئذا متُّ وأصبحتُ تراباً ورفاتاً فسوف أخرج من القبر حياً؟ قال ابن كثير: يتعجب ويستبعد إِعادته بعد موته، واللام «لسوف» للمبالغة في الإنكار، وهو إنكار منشؤه غفلة الإنسان عن نشأته الأولى، أين كان؟ وكيف كان؟ ولو تذكّر لعلم أن الأمر أيسر مما يتصور ﴿أَوَلاَ يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ أي أولاً يتذكر هذا المكذّب الجاحد أول خلقه فيستدل بالبداءة على الإعادة؟ ويعلم أن الله الذي خلقه من العدم قادرٌ على أن يعيده بعد الفناء وتشتت الأجزاء؟ قال بعضُ العلماء: لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجةٍ في البعث على هذا الاختصار لما قدروا عليها، إذْ لا شكَّ أنَّ الإعادة ثانياً أهونُ من الإيجاد أولاً، ونظيره قوله ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين﴾ أي فوربك يا محمد لنحشرنَّ هؤلاء المكذبين بالبعث مع الشياطين الذين أغووهم قال المفسرون: يُحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً﴾ أي محضر هؤلاء المجرمين حول جهنم قعوداً على الركب من شدة الهول والفزع، لا يطيقون القيام على أرجلهم لما يدهمهم من شدة الأمر ﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ﴾ أي لنأخذنَّ ولننتزعنَّ من كل فرقةٍ وجماعة ارتبطت بمذهب ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً﴾ أي من منهم أعصى لله وأشد تمرداً، والمراد أنه يؤخذ من هؤلاء المجرمين ليقذف في جهنم الأعتى فالأعتى قال ابن مسعود: يُبدأ بالأكابر جرماً ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيّاً﴾ أي نحن أعلم بمن هم أحق بدخول النار والاصطلاء بحرها وبمن يستحق تضعيف العذاب فنبدأ بهم ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ أي ما منكم أحدٌ من برٍ أو فاجر ألاً وسيرد على النار، المؤمن للعبور والكافر للقرار ﴿كَانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً﴾ أي كان ذلك الورود قضاءً لازماً لا يمكن خُلفه ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا﴾ أي ننجّي من جهنم المتقين بعد مرور الجميع عليها ﴿وَّنَذَرُ الظالمين فِيهَا جِثِيّاً﴾ أي ونترك الظالمين في جهنم قعوداً على الركب قال البيضاوي: والآية دليلٌ على أن المراد بالورود