على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقاً إلى كلام ربه ﴿قَالَ هُمْ أولاء على أَثَرِي﴾ أي قومي قريبون مني لم أتقدمهم إلا بشيء يسير وهم يأتون بعدي ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى﴾ أي وعجلتُ إلى الموضع الذي أمرتني بالمجيء إلأيه لتزداد رضىً عني.
. أعتذر موسى أولاً ثم بينَّ السبب في إ سراعه قبل قومه وهو الشوق إلى مناجاة الله ابتغاءً لرضى الله ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ أي ابتليناهم بعبادة العجل من بعد ذهابك من بينهم ﴿وَأَضَلَّهُمُ السامري﴾ أي وأوقعهم السامريُّ في الضلالة بسبب تزيينه لهم عبادة العجل، وكان السامري ساحراً منافقاً من قومٍ يعبدون البقر قال المفسرون: كان موسى حين جاء لمناجاة ربه قد استخلف على بني إسرائيل أخاه هارون، وأمره أن يتعهدهم بالإقامة على طاعة الله، وفي أثناء غيبة موسى جمع السامريُّ الحليَّ ثم صنع منها عجلاً ودعاهم إلى عبادته فعكفوا عليه وكانت تلك الفتنة وقعت لهم بعد خروج موسى من عندهم بعشرين يوماً ﴿فَرَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً﴾ أي رجع موسى من الطور بعدما استوفى الأربعين وأخذ التوراة عضبان شديد الحزن على ما صنع قومه من عبادة العجل ﴿قَالَ ياقوم أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً﴾ أي ألم يعدْكم بإنزال التوراة فيها الهدى والنور؟ والاستفهام للتوبيخ ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ العهد أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي﴾ أي هل طال عليكم الزمن حتى نسيتم العهد أم أردتم بصنيعكم هذا أن ينزل عليكم سخط الله وفضبه فأخلفتم وعدي؟ قال أبو حيان: وكانوا وعدوه بأن يتمسكوا بدين الله وسنّة موسى عليه السلام، ولا يخالفوا أمر الله أبداً، فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل ﴿قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ أي ما أخلفنا العهد بطاقتنا وإرادتنا واختيارنا بل كنا مكرهين ﴿ولكنا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ القوم فَقَذَفْنَاهَا﴾ أي حملنا أثقالاً وأحمالاً من حُليِّ آل فرعون فطرحناها في النار بأمر السامري قال مجاهد: أوزاراً: أثقالاً وهي الحلي التي استعاروها من آل فرعون ﴿فَكَذَلِكَ أَلْقَى السامري﴾ أي كذلك فعل السامري ألقى ما كان معه من حلي القوم في النار قال المفسرون: كان بنو إسرائيل قد استعاروا من القبط الحُليّ قبل خروجهم من مصر، فلما أبطأ موسى في العودة إليهم قال لهم السامري: إنما احتُبس عليكم لأجل ما عندكم من الحلي فجمعوه ودفعوه إلى السامري، فرمى به في النار وصاغ لهم منه عجلاً، ثم ألفى عليه قبضةً من أثر فرس جبريل عليه السلام فجعل يخور فذلك قوله تعالى ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ﴾ أي صاغ لهم السامري من تلك الحليّ المذابة عجلاً جسداً بلا روح له خوارٌ وهو صوت البقر ﴿فَقَالُواْ هاذآ إلهكم وإله موسى فَنَسِيَ﴾ أي هذا العجل إلأهكم وإله موسى فنسي موسى إلهه هنا وذهب يطلبه في الطور، قال قتادة: نسي موسى ربه عندكم، فعكفوا عليه يعبدونه، قال تعالى رداً عليهم وبياناً لسخافة عقولهم في عبادة العجل ﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً﴾ أي