رأتْ رجلاً ايماً إذا الشمسُ عارضتْ فيَضْحى وأمَّا بالعشيِّ فينحصر
﴿ضَنكاً﴾ الضَّنْك: الضيق والشدة يقال: منزلٌ ضنْك وعيشٌ ضنْك إذا كان شديداً ضيقاً ﴿سَوْءَاتُهُمَا﴾ عوارتهما ﴿فَتَرَبَّصُواْ﴾ انتظروا ﴿الصراط السوي﴾ الطريق المستقيم.
التفسِير: ﴿كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ﴾ أي كما قصصنا عليك يا محمد خبر موسى مع فرعون زما فيه من الأنباء الغريبة كذلك نقص عليك أخبار الأمم المتقدمين ﴿وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً﴾ أي أعطيناك من عندنا قرآناً يتلى منطوياً على المعجزات الباهرة قال في البحر: امتن تعالى عليه بإتيانه الذكر المشتمل على القصص والأخبار، الدال على معجزات أُوتيها عليه السلام ﴿مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القيامة وِزْراً﴾ أي من أعرض عن هذا القرآن فلم يؤمن به ولم يتَّبع ما فيه، فإنه يحمل يوم القيامة حملاً ثقيلاً، وذنباً عظيماً يثقله في جهنم ﴿خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ القيامة حِمْلاً﴾ أي مقيمين في ذلك العذاب بأوزارهم، وبئس ذلك الحمل الثقيل حملاً لهم، شُبِّه الوزرُ بالحمل لثقله ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً﴾ أي يوم ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية، ونحشر المجرمين إلى أرض المحشر زُرق العيون سود الوجوه قال القرطبي: تُشوه خلقتُهم بزرقة العيون وسواد الوجوه ﴿يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً﴾ أي يتهامسون بينهم ويسرُّ بعضهم إلى بعض قائلين: ما مكثتم في الدنيا إلا عشر ليال قال أبو السعود: استقصروا مدة لبثهم فيها لما عاينوا الشدائد والأهوال ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً﴾ أي نحن أعلم بما يتناجون بينهم إذ يقول أعقلهم وأعدلهم قولاً ما لبثتم إلا يوماً واحداً ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً﴾ أي ويسألونك عن حال الجبال يوم القيامة فقل لهم: إن ربي يفتِّتها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فيطيّرها ﴿فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً﴾ أي فيتركها أرضاً ملساء مستوية لا نبات فيها ولا بناء ﴿لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً ولا أَمْتاً﴾ أي لا ترى فيها انخفاضاً ولا ارتفاعاً ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الداعي لاَ عِوَجَ لَهُ﴾ أي في ذلك اليوم العصيب يتَّبع الناس داعي الله الذي يدعوهم لأرض المحشر يأتونه سراعاً لا يزيغون عنه ولا ينحرفون ﴿وَخَشَعَتِ الأصوات للرحمن﴾ أي ذلك وسكنت أصوات الخلائق هيبةً من الرحمن جل وعلا ﴿فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً﴾ أي لا تسمع إلا صوتاً خفياً لا يكاد يُسمع وعن ابن عباس: هو همسُ الأقدام في مشيها نحو المحشر ﴿يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾ أي في ذلك اليوم الرهيب لا تنفع الشفاعة أحداً إلاّ لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له، ورضي لأجله شفاعة الشافع، وهو الذي كان في الدنيا من أهل لا إله إلا الله، قاله ابن عباس ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي يعلم أحوال الخلائق فلا تخفى عليه خافية من أمور الدنيا وأمور الآخرة ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ أي لا تحيط علومهم بمعلوماته جل وعلا ﴿وَعَنَتِ الوجوه لِلْحَيِّ القيوم﴾ أي ذلت وخضعتْ وجوه الخلائق للواحد


الصفحة التالية
Icon