مُّسَمًّى} أي لكم في الهدايا منافع كثيرة من الدر والنسل والركوب إلى وقت نحرها ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق﴾ أي ثم مكان ذبحها في الحرم بمكة أو منى، وخص البيت بالذكر لأنه أشرف الحرم كقوله تعالى ﴿هَدْياً بَالِغَ الكعبة﴾ [المائدة: ٩٥] ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً﴾ أي شرعنا لكل أُمة من الأمم السابقة من عهد إبراهيم مكاناً للذبح تقرباً لله قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعتاً في جميع الملل ﴿لِّيَذْكُرُواْ اسم الله﴾ أي أمرناهم عند الذبح أو يذكروا اسم الله وأن يذبحوا لوجهه تعالى ﴿على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام﴾ أي شكراً لله على ما أنعم به عليهم من بهيمة الأنعام من الإِبل والبقر والغنم، بين تعالى انه يجب أن يكون الذبح لوجهه تعالى وعلى اسمه لأنه هو الخالق الرازق لا كما كان المشركون يذبحون للأوثان ﴿فإلهكم إله وَاحِدٌ﴾ أي فربكم أيها الناس ومعبودكم إله واحد لا شريك له ﴿فَلَهُ أَسْلِمُواْ﴾ أي فأخلصوا له العبدة واستسلموا لحكه وطاعته ﴿وَبَشِّرِ المخبتين﴾ أي بشر المطيعين المتواضعين الخاشعين بجنات النعيم، ثم وصف تعالى المخبتين بأربع صفات فقال ﴿الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي إذا ذكر الله خافت وارتعشت لذكره قلوبهم لإِشراق أشعة جلاله عليها فكأنهم بين يديه واقفون، ولجلاله وعظمته مشاهدون ﴿والصابرين على مَآ أَصَابَهُمْ﴾ أي يصبرون في السراء والضراء على الأمراض ولمصائب والمحن وسائر المكاره ﴿والمقيمي الصلاة﴾ أي الذين يؤدونها في أوقاتها مستقيمةً كاملة مع الخشوع والخضوع ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ أي ومن بعض الذي رزقناهم من فضلنا تينفقون في وجوه الخيرات ﴿والبدن جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ الله﴾ أي والإِبل السمينة - سميت بدناً لبدانتها وضخامة أج سامها - جعلناها من أعلام الشريعة التي شرعها الله لعباده قال ابن كثير: وكونها من شعائر الدين انها تُهدى إلى بيته الحرام بل هي أفضل ما يهدى ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ قال ابن عباس: نفعٌ في الدنيا وأجرٌ في الآخرة ﴿فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَآفَّ﴾ أي اذكروا عند ذبحها اسم الله الجليل عليها حال كونها صواف أي قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهم ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ أي فإذا سقطت على الأرض بعد نحرها، وهو كنايةٌ عن الموت ﴿فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر﴾ أي كلوا من هذه الهدايا وأطعموا القانع أي المتعفف والمعتر أي السائل قاله ابن عباس، وقال الرازي: الأقرب أن القانع هو الراضي بما يدفع إليه من غير سؤال وإلحاح، ولمعتر هو الذي يتعرض ويطلب ويعتريهم حالاً بعد حال ﴿كذلك سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي مثل ذلك التسخير البديع جعلناها منقادة لكم مع ضخامة اجسامها لكي تشكروا الله على إنعامه ﴿لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا﴾ أي لن يصل إليه تعالى شيء من لحومها ولا دمائها ﴿ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ﴾ أي ولكن يصل إلأيه التقوى منكم بامتثالكم أوامره وطلبكم رضوانه ﴿كذلك سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ﴾ أي كرره للتأكيد أي كذلك ذللها لكم وجعلها منقادة لرغبتكم لتكبروا الله على ما أرشدكم إليه من أحكام دينه ﴿وَبَشِّرِ المحسنين﴾ أي بشر المحسنين في أعمالهم بالسعادة والفوز بدار النعيم.