على ما أنتم عليه من الكفر والعداوة، فأنا ثابت على الإِسلام والمصابرة ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي سوف تعلمون الذي يأتيه عذاب يذله ويهينه ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ أي وتعلمون من هو الكاذب ﴿وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾ أي انتظروا عاقبة أمركم إنني منتظر معكم ﴿وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ أي ولما جاء أمرنا بإِهلاكهم نجينا شعيباً والمؤمنين معه بسبب رحمة عظيمة منا لهم ﴿وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ﴾ أي وأخذ أولئك الظالمين صيحةُ العذاب قال القرطبي: صاح بهم جبريل صيحةً فخرجت أرواحهم من أجسادهم ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ أي موتى هامدين لا حراك بهم قال ابن كثير: وذكر هاهنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف رجفة، وفي الشعراء عذاب يوم الظلة، وهم أمةٌ واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلّها، وإنما ذكر في كل سياقٍ ما يناسبه ﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ﴾ أي كأن لم يعيشوا ويقيموا في ديارهم قبل ذلك ﴿أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ قال الطبري: أي ألا أبعد الله مدين من رحمته بإِحلال نقمته، كما بعدت من قبلهم ثمود من رحمته بإِنزال سخطه بهم ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ هذه هي القصة السابعة وهي آخر القصص في هذه السورة والمعنى: لقد أرسلنا موسى بشرائع وأحكام وتكاليف إِلهية، وأيدناه بمعجزات قاهرة، وبينات قاهرة، كالعصا واليد ﴿إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ أي إلى فرعون وأشراف قومه ﴿فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ﴾ أي فأطاعوا أمر فرعون وعصوا أمر الله ﴿وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ أي وما أمر فرعون بسديد لأنه ليس فيه رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة﴾ أي يتقدم أمامهم إلى النار يوم القيامة كما كان يتقدمهم في الدنيا ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النار﴾ أي أدخلهم نار جهنم ﴿وَبِئْسَ الورد المورود﴾ أي بئس المدخل المدخول هي.
﴿وَأُتْبِعُواْ فِي هذه لَعْنَةً﴾ أي أُلحقوا فوق العذاب الذي عجله الله لهم لعنةً في الدنيا ﴿وَيَوْمَ القيامة﴾ أي وأُردفوا بلعنةٍ أخرى يوم القيامة ﴿بِئْسَ الرفد المرفود﴾ أي بئس العونُ الُمعان والعطاء المُعْطى لهم، وهي اللعنة في الدارين.
البَلاَغَة: ١ - ﴿ذَهَبَ الرَّوْعُ.. وَجَآءَتْهُ﴾ بينهما طباقٌ وهو من المحسنات البديعية.
٢ - ﴿جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ﴾ كناية عن العذاب الذي قضاه الله لهم.
٣ - ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ الاستفهام للتعجب والتوبيخ.
٤ - ﴿أَوْ آوي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ قال الشريف الرضي: وهذه استعارة والمراد بها قومه وعشيرته جعلهم ركناً له لأن الإنسان يلجأ إِلى قبيلته، ويستند إلى أعوانه كما يستند إِلى ركن البناء الرصين، وجاء جواب «لو» محذوفاً تقديره: لحلت بينكم وبين ما هممتم به من الفساد، والحذف هاهنا أبلغ لأنه يوهم بعظيم الجزاء وغليظ النكال.
٥ - ﴿عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ بينهما طباقٌ.