والخفاء، وبالمقارنة بين المثلين يتضح الصبح لذي عينين.
اللغَة: ﴿مِشْكَاةٍ﴾ المشكاة: الكُوَّة في الحائط غير النافذة، وأصلها لاوعاء يجعل فيه الشيء ﴿دُرِّيٌّ﴾ متلألئ وقّد يشبه الدر في صفائه ولمعانه ﴿سَرَابٍ﴾ السرابُ: ما يتراءى للعين وسط النهار عند اشتداد الحر يشبه الماء الجاري وليس بماء، سمي سراباً لأنه يسرب أي يجري كالماء قال الشاعر:

فلما كففنا الحرب كانت عهودكم كلمع سراب بالفلا متألق
﴿قِيعَةٍ﴾ قال الفراء: هو جمع قاع مثل جار وجيرة، والقاعُ المنبسط المستوي من الأرض وقال الزمخشري: القيعةُ بمعنى القاع وليس جمعاً، وهكذا قال أبو عبيدة ﴿لُّجِّيٍّ﴾ اللُّجيُّ: الذي لا يدرك قعره لعمقه، واللُّجةُ معظم الماء، والجمع لُجَج، والتجَّ البحر: تلاطمت أمواجه ﴿يُزْجِي﴾ الإزجاء: سوقُ الشيء برفقٍ وسهولة ﴿رُكَاماً﴾ مجتمعاً يركب بعضه بعضاً ﴿الودق﴾ : المطر قال الليث: الودقُ المطر كله شديده وهينه ﴿سَنَا﴾ : السنا الضوء واللمعان قال الشماخ:
وما كادت إذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إلاّ البصير
﴿مُذْعِنِينَ﴾ خاضعين منقادين، أذعن للأمر خضع له ﴿يَحِيفَ﴾ يجور ويظلم.
التفسِير: ﴿الله نُورُ السماوات والأرض﴾ أي الله جلَّ وعلا منور السماوات والأرض، أنار السماواتِ بالكواكب المضيئة، والأرض بالشرائع والأحكام وبعثة الرسل الكرام قال الطبري: أي هادي أهل السماوات والأرض فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون وقال القرطبي: النور عند العرب: الضوء المدرك بالبصر واستعمل مجازاً في المعاني فيقال كلامٌ له نور قال الشاعر:
نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا
وقال جرير «وأنتَ لنا نورٌ وغيثٌ وعصمة» والناس يقولون: فلانٌ نور البلد، وشمسُ العصر وقمره، فيجوز أن يقال: الله نور على جهة المدح لأن جميع الأشياء منه ابتداؤها، وعنه صدورها، وبقدرته استقامت أمورها، وقال ابن عطاء الله: «الكون كله ظلمة أناره ظهور الحق فيه، إذ لولا وجود الله ما وجد شيء من العالم» وفي الحديث «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن» وقال ابن مسعود: «ليس عند ربكم ليلٌ ولا نهار، نور السماوات والأرض نور وجهه» وقال ابن القيم: سمَّى الله سبحانه نفسه نوراً، وجعل كتابه نوراً، ورسوله نوراً، واحتجب عن خلقه بالنور، وقد فسرت الآية بأنه منور السماوات والأرض، وهادي أهل السماوات والأرض، وما قاله ابن مسعود أقرب إلى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السماوات والأرض، وأما من فسرها


الصفحة التالية
Icon