الواضح، والنور الساطع لندمغ به باطلهم ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾ أي أحسن بياناً وتفصيلاً، ثم ذكر تعالى حال هؤلاء المشركين المكذبين للقرآن فقال ﴿الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ﴾ أي يُسْحبون ويجُرُّون إِلى النار على وجوههم ﴿أولئك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ أي هم شر منزلاً ومصيراً، وأخْطأ ديناً وطريقاً وفي الحديث «قيل يا رسول الله: كيف يُحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: إِن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه علىوجهه يوم القيامة»، ثم ذكر تعالى قصص الأنبياء تسلية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإِرهاباً للمكذبين فقال ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب﴾ أي والله لقد أعطينا موسى التوراة ﴿وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً﴾ أي وأعنَّاه بأخيه هارون فجعلناه وزيراً له يناصره ويُؤآزره ﴿فَقُلْنَا اذهبآ إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ أي اذهبا إلى فرعون وقومه بالآيات الباهرات، والمعجزات الساطعات ﴿فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً﴾ أي فأهلكناهم إِهلاكاً لما كذبوا رسلنا ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرسل أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً﴾ أي وأغرقنا قوم نوح بالطوفان لمّا كذبوانوحاً وحده لأن تكذبيه تكذيبٌ للجميع لاتفاقهم على التوحيد والإِسلام ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً﴾ أي وأعددنا لهم في الآخرة عذاباً شديداً مؤلماً سوى ما حلَّ بهم في الدنيا ﴿وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرس﴾ أي وأهلكنا عاداً وثمود وأصحاب البئر الذين انهارت بهم قال البيضاوي: وأصحابُ الرس قومٌ كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إِليهم شعيباً فكذبوه فبينما هم حول الرس - وهي البئر غير المطوية - انهارت فخسفت بهم وبديارهم ﴿وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً﴾ أي وأمماً وخلائق كثيرين لا يعلمهم إِلا الله بين أولئك المكذبين أهلكناهم أيضاً ﴿وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال﴾ أي وكلاً من هؤلاء بيّنا لهم الحجج، ووضحنا لهم الأدلة إِعذاراً وإِنذاراً ﴿وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً﴾ أي أهلكناه إِهلاكاً، ودمرناه تدميراً، لمّا لم تنجع فيهم المواعظ ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القرية التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السوء﴾ أي ولقد مرَّت قريش مراراً في متاجرهم إِلى الشام على تلك القرية التي أُهلكت بالحجارة من السماء وهي قرية «سدوم» عُظمى قرى قوم لوط ﴿أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا﴾ ؟ توبيخٌ لهم على تركهم الاتعاظ والاعتبار أي أفلم يكونوا في أسفارهم يرونها فيعتبروا بما حلَّ بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم لرسولهم ومخالفتهم لأوامر الله؟ قال ابن عباس: كانت قريشٌ في تجارتها إلى الشام تمر بمدائن قوم لوط كقوله تعالى
﴿وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ﴾ [الصافات: ١٣٧] ﴿بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً﴾ أي إِنهم لا يعتبرون لأنهم لا يرجون معاداً يوم القيامة.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الترجي ﴿لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة﴾ لأن لولا بمعنى هلاّ للترجي.
٢ - جناس الاشتقاق ﴿وَعَتَوْا.. عُتُوّاً﴾ و ﴿حِجْراً.. مَّحْجُوراً﴾.
٣ -


الصفحة التالية
Icon